يعني من يانع الأراك. ونجاه: قطعه. ومال النبات: ناعمه وحسنه. وعرفوا، أي اجتنوه من عرفات. وذكر أنه خضيب بالطيب الذي بيديها. قاله في الغرر والدرر.
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
فلم أستطعها غير أن قد بدا لنا ... عشية راحت وجهها والمعاصم
معاصم لم تضرب على البهم بالضحى ... عصاها ووجه لم تلحه النسائم
وأحسن ما وقع في هذا النوع، قول أبى نواس:
خزيمة خير بني خازم ... وخازم خير بني دارم
ودارم خير تميم وما ... مثل تميم في بني آدم
ورد على أبي نواس هذا القول الحافظ فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمري. فقال وأجاد:
محمد خير بني هاشم ... فمن تميم وبنوا دارم
وهاشم خير قريش وما ... مثل قريش في بني آدم
ومن رسالة ابن غرسية:
لله مما قد برى صفوة ... وصفوة الخلق بنو هاشم
وصفوة الصفوة من بينهم ... محمد النور أبو القاسم
وقال آخر:
قريش خيار بني آدم ... وخير قريش بنو هاشم
وخير بني هاشم أحمد ... رسول الإله إلى العالم
ومن أمثلة هذا النوع قول بعضهم، وهو دون ما تقدم في الحسن:
ما أن تريم فؤاده أشجانه ... كثرت بها يوم النوى أحزانه
أحزانه لما جرت بعظامه ... من حب من شهدت له أجفانه
أجفانه شهدت له أن الورى ... طرا أذل رقابهم سلطانه
سلطانه برع الجمال بوجهه ... وروادف خضعت لها أركانه
أركانه أبدا تميد إذا مشى ... ويكاد تقطر كفه وبنانه
وبنانه كالخيزران وقده ... قد القضيب زهت به أغصانه
وفي هذا النوع أعني تشابه الأطراف دلالة على قوة عارضة الشاعر، وتصرفه في الكلام، وإطاعة الألفاظ له، ولا يخلو مع ذلك من حسن موقع في السمع والطبع، فإن معنى الشعر يرتبط ويتلاحم به، حتى كأن معنى البيتين أو الثلاثة معنى واحد، وفي أنواع البديع ما هو أخفض رتبة منه فلا عبرة بقول ابن حجة: ليس تحته كبير أمر، وتالله ما خطر لي يوما ولا حسن لي في الفكر أن ألحق طرفا من تشابه الأطراف بذيل من أبيات شعري. انتهى.
ومن ابن حجة في فحول الشعراء حتى يقول مثل هذا الكلام؟ ويكون عدم حضور هذا النوع في باله وعدم ذكره في شعره مما يدل على أن هذا النوع من البديع ليس تحته طائل، ولا كبير أمر، وكفاه شرفا وقوعه في القرآن الكريم مكررا، فما شعر ابن حجة وإضرابه؟.
ولما كان هذا النوع لا يتأتى إلا في بيتين، قال الشيخ صفي الدين في بديعيته:
قالوا ألم تدر أن الحب غايته ... سلب الخواطر والألباب قلت لم
لم أدر قبل هواهم والهوى حرم ... أن الظباء تحل الصيد في الحرم
تشابه الأطراف بين (لم) في قافية البيت الأول و (لم) في أول البيت الثاني.
والشيخ عز الدين لما التزم بالتورية بتسمية النوع شطر البيت شطرين، وجعل كل شطر بمنزلة بيت كامل، وجعل القافية في آخر الشطر الأول، وأعادها في أول الشطر الثاني، فجاء به في غاية اللطف في بيت واحد فقال:
أطرافك اشتبهت قولا متى تلم ... تلم فتى زائد البلوى فلم يلم
ولم ينظم ابن جابر الأندلسي هذا النوع في بديعيته.
وبيت بديعية ابن حجة قوله:
شابهت أطراف أقوالي فإن أهم ... أهم إلى كل واد من صفاتهم
تعدية الهيام بإلى فيه نظر ظاهر.
وبيت بديعية الشيخ عبد القادر الطبري قوله:
شابهت أطراف مدحي في صفاتهم ... صفاتهم ساميات المجد والشيم
وبيت بديعيتي هو قولي:
تشابهت فيهم أطراف وصفهم ... ووصفهم لم يطقه ناطق بفم
والشيخ شرف الدين المقري جرى على طريقة الشيخ صفي الدين الحلي التي هي الأصل في هذا النوع فقال:
جرى الفراق فراق الالتقا ووقى ... ملالة الوصل فاحمده ولا تذم
لا تذممن نوى أبقت عليه هوى ... به استبحت عناق الطيف في الحلم
ما أظن أحدا من البديعيين يسلم له أن قوله (لا تذممن) في أول البيت الثاني هو لفظة قافية البيت الأول.
[التتميم]
أنا الذي جئت تتميما لمدحهم ... نظما بقول يباهي الدر في القيم