للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العنوان في هذا البيت هو الإشارة إلى ما ذكره الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في تفسيره قوله تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) قال: لما ذلت من آدم الخطيئة وأعتذر إلى ربه عز وجل وقال: يا رب تب علي وأقبل معذرتي, وأعدني إلى مرتبتي, وأرفع لديك درجتي, فلقد تبين بعض الخطيئة وذلها بأعضائي, وسائر بدني. قال الله تعالى (يا آدم أما تذكر أمر إياك بأن تدعوني بمحمد وآله الطيبين عند شدائدك ودواهيك, وفي النوازل التي تبهظك؟ قال آدم: يا رب بلى. قال الله عز وجل: فبهم, وبمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم خصوصاً فادعني, أجبك إلى ملتمسك, وأزدك فوق مرادك. فقال آدم: يا رب وإلهي قد بلغ عندك من محلهم أنك بالتوسل إليهم وبهم تقبل توبتي, وتغفر خطيئتي؟ وأنا الذي أسجدت له ملائكتك, وأبحته جنتك, وزوجته حواء أمتك, وأخدمته كرائم ملائكتك. قال الله: يا آدم إنما أمرت الملائكة بتعظيمك في السجود إذ كنت وعاء لهذه الأنوار, ولو كنت سألتني بهم قبل خطيئتك أن أعصمك منها, وأن أفطنك لدواعي عدوك أبليس حتى تحترز منها, لكنت قد جعلت ذلك, ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقا لعلمي. فالآن فبهم فادعني لأجيبك. فعند ذلك قال آدم: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين, بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيبين من آلهم لما تفضلت بقبول توبتي, وغفران زلتي, وإعادتي من كرامتك إلى مرتبتي.

فقال الله عز وجل: قد قبلت توبتك, وأقبلت برضواني عليك, وصرفت الآئي ونعمائي إليك, وأعدتك إلى مرتبتك من كراماتي, ووفرت نصيبك من رحماتي. فذلك قوله عز وجل (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) .

وبيت بديعية الشيخ إسماعي المقري قوله:

وحاز حدا وجاز الحد حيث دنا ... كقاب قوسين أو أدنى ولم يرم

والعنوان فيه ظاهر والله أعلم.

[التسهيم]

به دعا إذ دعا فرعون شيعته ... موسى فأفلت من تسهيم سحرهم

التسهم مأخوذ من البرد المسهم أي المخطط, وهو الذي يدل أحد سهامه على الذي يليه لكون لونه يقتضي أن يليه لون مخصوص بمجاورة اللون الذي قبله أو بعده منه. والمراد به في الاصطلاح, أن يؤسس الكلام على وجه يدل على بناء ما بعده, ومناسبته للمعنى اللغوي ظاهرة.

وقيل: سمي تسهيما لأن المتكلم يصوب ما قبل عجز الكلام إلى عجزه. والتسهيم: تصويب إلى الغرض. ومنهم من سماه (الأرصاد) من أرصد له, بمعنى أعد أول الكلام لآخره, أو لأن السامع يرصد ذهنه لعجز الكلام بما دل عليه مما قبله.

قال الشيخ صفي الدين: ومن المؤمنين من سماه (التوشيح) والتوشيح غيره, والفرق بينهما من ثلاثة أوجه: أحدها, أن التسهيم يعرف به من أول الكلام آخره, ويعلم مقطعه من حشوه, من غير أن تتقدم سجعة النثر أو قافية الشعر, والتوشيح لا يعلم السجعة والقافية منه إلا بعد تقدم معرفتها.

والآخر, أن التوشيح لا يدلك أوله إلا على القافية فحسب, والتسهيم يدلك تارة على عجز البيت, وطورا على مادون العجز, بشرط الزيادة على القافية.

والثالث, أن التسهيم يدل تارة أوله على آخره, وطورا آخره على أوله, بخلاف التوشيح. فهذه الفروق ظاهرة. انتهى.

إذا عرفت ذلك فأعلم, أن التسهيم ضربان: أحدهما ما دلالته لفظية كقوله تعالى (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) فلو وقف على (أوهن البيوت) علم أن بعده (بيت العنكبوت) .

ومنه قول البحتري:

أحت دمي من غير جرم وحرمت ... بلا سبب يوم اللقاء كلامي

فليس الذي حللته بمحلل ... وليس الذي حرمته بحرام

وقوله أيضا:

فإذا حاربوا أذلوا عزيزا ... وإذا سالموا أعزوا ذليلا

وقول القائل - وينسب إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام:

ولي فرس بالجهل للجهل ملجم ... ولي فرس بالحلم للحلم مسرج

فمن شاء تقويمي فإني مقوم ... ومن شاء تعويجي فإني معوج

وقول ابن هاني الأندلسي:

وإذا حللت فكل واد ممرع ... وإذا ظعنت فكل شعب ما حل

وإذا بعدت فكل شيء ناقص ... وإذا قربت فكل شيء كامل

<<  <   >  >>