للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكم عاشق قاسى الهوان بحبنا ... فصار عزيزا حين ذاق هوانا.

وقول البدر الذهب:

يا عاذلي فيه قل لي ... إذا بدا كيف أسلو.

يمر بي كل وقت ... وكلما مر يحلو.

وقول ابن سناء الملك:

وفي الحي من صيرتها نصب خاطري ... فما أذنت في نازل الشوق بالرفع

تنيه بفرع منه أصل بليتي ... ولم أرى أصلا قط يعزى إلى فرع

وقول مؤلفه عفا الله عنه:

إلى الله مما يقاسي المحب ... بليلي وما نال في الحب نيلا

قضى العمر بين بكى واشتياق ... فيبكي نهارا ويشتاق ليلا

وقول بدر الدماميني:

أمنيتي أنت يا مليحا ... ما مثله في الوجود ثاني.

فكيف يبدي جفاك خوفا ... وأنت لي غاية الأماني.

قوله:

وعزيز الجمال أوجب ذلي ... وهواه علي أصبح فرضا.

فهو في الحسن والجمال سماء ... صرت يا صاح منه بالذل أرضا

ولنكتف من ذلك بهذا المقدار، خوف السأم من الإكثار.

والشيخ صفي الدين الحلي جاء بالمطابقة محلاة باللف والنشر، وبيته:

وطال ليلي وأجفاني به قصرت ... عن الرقاد فلم أصبح ولم أنم

وغلط ابن حجة في قوله: إن المطابقة فيه مجردة، فإن قوله: فلم أصبح راجع إلى طول الليل، وقوله: ولم أنم، راجع إلى قصر الأجفان، وهذا هو اللف والنشر المرتب.

وبين بديعية ابن جابر الأندلسي، المطابقة فيه مجردة، وهو:

وأسهر إذا نام جفنا وامض حيث ونى ... واسمح إذا شح نفسا واسران يقم.

وبيت الشيخ عز الدين الموصلي قوله:

أبكي فيضحك عن در مطابق ... حتى تشابه منثور بمنتظم.

قال ابن حجة: لعمري أن بيت الصفي والعميان يتنزلان عند هذا البيت العامر من المحاسن منزلة الأطلال البالية، فإن الشيخ عز الدين جمع فيه بين تسمية النوع من جنس الغزل وبين غرابة المعنى وحسن الانسجام، ورقة التشبيب وبديع اللف والنشر، ولم يأت كل منهما بغير مجرد المطابقة. وأما قول العميان في آخر بيته: واسر أن يقم، فهو من بقية ما سقط من حجارة البيت. انتهى.

وبيت بديعية ابن حجة قوله:

بوحشة بدلوا أنسي وقد خفضوا ... قدري وزادوا علو في طباقهم.

والشيخ عبد القادر الطبري أغار على بيت العز الموصلي فهدمه وعمره بالركة والعقادة فقال:

يبكي المحب وّذا المحبوب يضحك عن ... در فطابق منثورا بمنتظم.

ما أقبح قوله: وذا المحبوب.

وبيت بديعيتي هو:

إن أدنوا ينأوا وما قلبي كقلبهم ... وهل يطابق مصدوع بملتئم.

المطابقة هنا مرشحة بالتذييل وهو قولي: وما قلبي كقلبهم، فإنه لما أخبر عن نأيهم إذا دنا ذيله بقوله: وما قلبي كقلبكم، يعني أن قلبي واجد بهم مشغوف بحبهم، فهو يهوى الدنو منهم، وليس كذلك قلبهم؛ فهم ينأون تعززا وتدللا كما هو شأن المحبوب مع المحب، والمعشوق مع العاشق. ثم اتبع ذلك بحسن التعليل مدمجا في التمثيل، فإنه مثل قلبه بالظرف المصدوع وقلبهم بالملتئم، وأخرج الكلام مخرج المثل السائر، والتعليل فيه ظاهر؛ وفيه مع ذلك بديع اللف والنشر والتورية بتسمية النوع من جنس الغزل، والله أعلم.

وبيت الشيخ شرف الدين المقري منحوت من الجبال وهو:

أحييت وجدي وأفنيت العزا وسا ... ء الود حزني وسر المعتدي سقمي.

الشيخ أكثر من المطابقة في هذا البيت، لكنها من الكثرة الكثرة التي لا تعجب.

[إرسال المثل.]

أرسلت إذ لذ لي حبيّهم مثلا ... وقد يكون نقيع السم في الدسم.

إرسال المثل- من لطائف أنواع البديع وهو عبارة عن أن يأتي الشاعر في بيت أو بعضه بما يجري مجرى المثل السائر، من حكمة أو نعت أو غير ذلك، مما يحسن التمثيل به.

<<  <   >  >>