وكم غرر من بره ولطائف ... لشكري على تلك اللطائف طائف
وقول الصفدي:
تذكرت عيشا مر حلواً بكم فهل ... لأيامنا تلك الذواهب واهب
وما انصرفت آمال نفسي لغيركم ... ولا أنا عن دعوى الرغائب غائب
سأصبر كرهاً في الهوى غير طائع ... لعل زماني بالحبائب آيب
وقول أبي الحسن الباخرزي وفيه شاهد للنوعين:
فترت لواحظك المراض ولم تزل ... تلك الفواتر في القلوب فواتكا
اليوم أجهر بالعتاب فكم وكم ... أسبلت أذيالي على هفواتكا
وإذا التفت إلى هواك أفادني ... برد السلو تذكري جفواتكا
يا من وفاتي في فوات وصاله ... فت الحسان فوات قبل فواتكا
وقول الآخر:
لأديمن مديح المصطفى ... فعلى من في الله قوى طمعه
فعسى أنعم في الدنيا به ... وعسى يحشرني الله معه
وقول الآخر:
إنما هذه الحياة متاع ... فالجهول الجهول من يصطفيها
ما مضى فات والمؤمل غيب ... ولك الساعة التي أنت فيها
وقولي من قصيدة مرثية في الحسين بن علي عليهما السلام:
يا مصاباً قد جرع القلب صابا ... كل صبر إلا عليك جميل
ومن بديع ما وقع من هذا النوع في النثر قولهم: النبيذ بغير النغم غم وبغير الدسم سم. وقول بعض الفضلاء في ذم الدنيا: إن قبلت بلت، أو أدبرت برت، أو واصلت صلت، أو أيسرت سرت، أو أطنبت نبت أو أسفت سفت، أو عاونت ونت، أو نوهت وهت.
وبيت الشيخ صفي الدين في بديعيته قوله:
من شأنه حمل أعباء الهوى كمدا ... إذا همى شأنه بالدمع لم يلم
فالتام في قوله: (شانه) و (شانه) . والمطرف في قوله: (لم) (يلم) .
وبيت الشيخ عز الدين الموصلي:
مذ تم للعين أنس حين طرفها ... مرأى الحبيب ببذل العين لم ألم
وبيت ابن حجة قوله:
يا سعد ما تم لي سعد يطرفني ... بقربهم وقليل الحظ لم يلم
وبيت بديعيتي هو قولي:
يا زيد زيد المنى مذ تم طرفني ... وقال هم بهم تسعد بقربهم
التام في قولي (زيد) و (زيد) . فالأول علم، والثاني بمعنى المزيد.
والمطرف في موضعين من عجز البيت، أحدهما في (هم) و (بهم) ، والثاني في (بهم) و (بقربهم) . والمعنى: إن مزيد المنى مذ تم ووصل إلى حد لا زيادة عليه، أطرفه برحاء وصلهم، وقال له: جن عشقاً بهم فإنك تسعد بقربهم وتحظى بوصلهم. والهيام بالضم كالجنون من العشق.
وقد تقدم أن الشيخ عبد القادر قرن اللاحق بالتام، ومر إنشاد البيت المشتمل عليهما وهو قوله:
يا خير ما تم لي خير يلاحقني ... به ولم يرع شرع الحب كالعجم
فالتام في قوله (خير) و (خير) . ولا خفاء في أن هذا الصدر نسخ به صدر بيت ابن حجة، ولو عاش لما صبر له على هذه السرقة الفاحشة. وقرن الجناس المطرف باللفظي والمقلوب، وسيأتي بيانه هناك إن شاء الله تعالى.
وبيت المقري قوله:
فدمعي السائل المحروم سائله ... وسائلي نحوكم يا جيرة العلم
[الجناس المصحف والمحرف]
كم عاذل عادل عنهم يصحف لي ... ما حرفته وشاة الظلم في الظلم
من أنواع الجناس: المصحف والمحرف. فالمصحف هو ما تماثل ركناه في الحروف. وتخالفا في النقط، كقوله تعالى: (والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين) وقوله تعالى: (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) وقوله تعالى: (قل إن لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا) .
وقوله) صلى الله عليه وآله وسلم (لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب) عليه السلام (: قصر ثوبك فإنه أنق وأبقى وأتقى.
وقول أمير المؤمنين) عليه السلام (فيما كتب به إلى معاوية: غرك عزك فصار قصار ذلك ذلك، فاخش فاحش فعلك، فعلك بهذا تهدا.
وقول بعض السلف: لو كنت تاجراً ما اخترت غير العطر. إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه.
وقوله: من سعادة جدك، وقوفك عند حدك.
وقوله: اجهل الناس من كان للإخوان مذلاً، وعلى السلطان مدلا.
وقول أبي الفتح البستي: إذا ما بقي ما قاتك، فلا تأس على ما فاتك.
وقوله: طوبى لمن عقله يغنيه عما لا يعنيه.
وقول أبي علي الباخرزي: العذل على البذل فعل النذل.