للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في شرحه الفرائد في هذا البيت ثلاثة, هي, شم وحنانيك ومنفصم.

وأنا أقول: أما قوله: شم, فمسلم على أنها لفظة فصيحة في نفسها, إلا أنها وقعت في غير موقعها, لأن معناها -على ما في القاموس- تحنن علي مرة بعد مرة, وهذا المعنى لا يناسب المقام كما لا يخفى. وأما قوله: منفصم, فليس بتلك المثابة من الفصاحة, والفصم -على ما في الصحاح- كسر الشيء من غير أن يبين, فجعله صفة للعقد إنما هو على طريق التوسع, فلو لم تكن القافية ميمية إذا أسقطت عري الكلام عن الفصاحة. والفرائد في بيت ابن حجة جرى على العكس من ذلك في اللفظين المذكورين والله أعلم.

وبيت بديعية المقري قوله:

لقد سما في تضاعيف السما رتبا ... حديثها كان قبل الكون في القدم

قال في شرحه: الفريدة فيه: تضاعيف.

وبيت بديعية العلوي قوله:

فالقبض والبسط للأكوان قد جمعا ... في كفه ونمير مقنع لظمي

الفريدة فيه: نمير مقنع.

وبيت بديعيتي قولي:

إذا فرائد جيش عنده اتسقت ... مشى العرضنة والشعواء في ضرم

الفرائد فيه: اتسقت, والعرضنة, والشعواء. يقال: هو يمشي العرضنة: إذا مشى مشية في شق من نشاطه, وهي بكسر العين وفتح الراء المهملتين وبعدها ضاد معجمة ساكنة ثم نون مفتوحة, والشعواء: الغارة الغاشية المتفرقة.

ولم ينظم السيوطي, ولا الطبري, هذا النوع والله أعلم.

[التصريع]

كفاه نصرا على تصريع جيشهم ... رعب تراع له الآساد في الأجم

التصريع عبارة عن استواء آخر جزء في صدر البيت وعجزه, في الوزن والروي والإعراب, ولا يعتبر فيه قاعدة العروضيين في الفرق بين المصرع والمقفى باصطلاحهم.

قال قدامه: الفحول والمجيدون من الشعراء, من القدماء والمحدثين, يجعلون قافية المصراع الأول من القصيدة مثل قافيتها, وربما صرعوا أبياتا أخر من القصيدة بعد البيت الأول, وذلك يكون من اقتداء الشاعر, وسعة تبحره.

كقول أوس بن حجر في قصيدة أولها:

ودع لميس وداع الصارم اللاحي ... قد فنكت في فساد بعد إصلاح

ثم أتى بأبيات أخر وقال:

إني أرقت ولم تأرق معي صاحي ... لمستكف بعيد النوم نواح

وقال ابن الأثير: التصريع ينقسم إلى سبع مراتب: الأولى: أن يكون كل مصراع مستقلا بنفسه في فهم معناه, ويسمى التصريع الكامل.

كقول امرئ القيس:

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل ... وإن كنت قد أزمعت صرما فأجملي

الثانية: أن يكون الأول غير محتاج إلى الثاني, فإذا جاء, جاء مرتبطا به.

كقوله أيضاً:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل

الثالثة: أن يكون المصراعان بحيث يصح وضع كل واحد منهما موضع الآخر.

كقول ابن الحجاج:

من شروط الصبوح في المهرجان ... خفة الشرب مع خلو المكان

الرابعة: أن لا يفهم معنى الأول إلا بالثاني.

كقول أبي الطيب:

مغاني الشعب طيبا في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمان

الخامسة: أن يكون التصريع بلفظة واحدة في المصراعين, ويسمى التصريع المكرر, وهو ضربان, لأن اللفظة إما متحدة المعنى في المصراعين.

كقول عبيد بن الأبرص:

فكل ذي غيبة يؤب ... وغائب الموت لا يؤب

وإما مختلفة المعنى لكونه مجازا كقول أبي تمام:

فتى كان شربا للعفاة ومرتعا ... فأصبح للهندية البيض مرتعا

السادسة: أن يكون المصراع الأول معلقا على صفة يأتي ذكرها في أول الثاني, ويسمى التعليق.

كقول امرئ القيس:

ألا أيها الليل الطويل إلا انجلي ... بصبح وما الاصباح منك بأمثل

وهذا معيب جدا.

السابعة: أن يكون التصريع في أول البيت مخالفا لقافيته (ويسمى التصريع) المشطور.

كقول أبي النواس:

أقلني قد ندمت الذنوب ... وبالإقرار عذت من الجحود

فصرع بالباء, ثم قفاه بالدال. انتهى. ولا يخفى أن هذه خارجة عما نحن فيه.

وبيت بديعية الصفي قوله:

لاقاهم بكماة عند كرهم ... على الجسوم دروع من قلوبهم

ولم ينظم ابن جابر الأندلسي هذا النوع وبيت بديعية العز الموصلي قوله:

لا زال بالعزمات الغر والهمم ... يصرع الضد بالتشطير للقمم

وبيت بديعية ابن حجة قوله:

<<  <   >  >>