للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوجنتها تكسو المدامع حمرة ... ودمعي يكسو حمرة اللون وجنتي

وما ألطف قول مهيار الديلمي في هذا الباب:

جاءت تثنى بين ريحانة ... تعبق مسكا وكثيب يهال

فلا وعينيها وأردافها ... وشقوة الدعص بها والغزال

ما قدها هز نسيم الصبا ... وإنما ميل غصنا فمال

حتى إذا الليل قضى ما قضى ... خفت مع الفجر خطاها الثقال

أبكي وتبكي غيران الأسى ... دموعه غير دموع الدلال

أخذه السيد أحمد الصفوي فقال:

صه يا حمام فلست المشوق ... ولا بات حالك فيها كحالي

فما من تباكي كما من بكى ... ودمع الأسى غير دمع الدلال

ومنه قول التهامي:

قالوا تأس بجفنها في سقمه ... شتان بين سقامه وسقامي

سقم الجفون وإن تزايد صحة ... أبدا وسقمي قد أذاب عظامي

وحدث يعقوب بن بشر, قال: كنت مع إسحاق الموصلي في نزهة, فمر بنا إعرابي فوجه إسحاق خلفه فوافانا, فلما شرب وسمع حنين الدواليب قال:

بكرت تحن وما بها وجدي ... وأحن من وجد إلى نجد

فدموعها تحيا الرياض بها ... ودموع عيني قرحت خدي

وبساكني نجد كلفت وما ... يغني لهم كلفي ولا وجدي

لو قيس وجد العاشقين إلى ... وجدي لزاد عليه ما عندي

قال فما انصرف إسحاق إلا محمولا سكرا, وما شرب إلا على هذه الأبيات.

ومنه قول العفيف التلمساني:

بين فؤادي وخدها نسب ... كلاهما بالجحيم يلتهب

هما سواء والفرق بينهما ... أنهما ساكن ومضطرب

وقول الوطواط: فوجهك كالنار في ضوئها=وقلبي كالنار في حرها وقول الآخر: وسهيل كوجنة الحب في اللو_ن وقلب المحب في الخفقان وقولي في مطلع القصيدة:

ما بين قلبي وبرق المنحنى نسب ... كلاهما من سعير الوجد يلتب

قلبي لما فاته من وصل ساكنه ... والبرق إذ فاته من ثغره الشنب

وبيت بديعية الصفي قوله:

سناه كالنار يجلو كل مظلمة ... والبأس كالنار يفني كل مجترم

أدخل السناء والبأس في كونهما كالنار, ثم فرق بينهما, بأن وجه إدخال السنا فيه أنه يجلو الظلام, وإدخال البأس فيه أنه يفني المجرمين, كما تفني النار الحطب.

وبيت بديعية ابن جابر الأندلسي قوله:

فلذ بمن كفه والبحر ما افترقا ... إلا بكف وبحر في كلامهم

وبيت بديعية عز الدين الموصلي, شن فيه الغارة على بيت الشيخ صفي الدين فقال:

وعزمه النار في جمع يفرقه ... ووجهه النور يجلو ظلمة الغشم

وبيت بديعية ابن حجة قوله:

سناه كالبرق أن أبدوا ظلام وغى ... والعزم كالبرق في تفريق جمعهم

وبيت بديعية الطبري قوله:

كالشمس في الجمع والتفريق ملته ... وفي الضيا وجهه يا حسرة الظلم

وبيت بديعيتي هو:

ضياؤه الشمس في تفريق جمع دجى ... وقدره الشمس لم تدرك ولم ترم

وبيت بديعية الشيخ إسماعيل المقري قوله: إن أنكروا الشمس منه فهي مقل=تعشي وفي مقل تجلو دجى الظلم قال ناظمه في شرحه: جعل ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله كالشمس, ثم فرق ما جمع فقال: إنها في عيون جلاء, وفي عيون عشاء, انتهى بنصه.

[الجمع مع التقسيم]

وكم غزا للعدى جمعا فقسمه ... فالزوج للأيم والمولود لليتم

هذا النوع عبارة عن جمع متعدد تحت حكم, ثم تقسيمه أو بالعكس, أي تقسيم متعدد ثم جمعه.

فالأول كقوله تعالى "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات".

وكقول أبي الطيب في سيف الدولة:

قاد المقانب أقصى شربها نهل ... على الشكيم وأدنى سيرها سرع

لا يعتقي بلد مسراه عن بلد ... كالموت ليس له ري ولا شبع

حتى أقام على أرباض خرشنة ... تشفى به الروم والصلبان والبيع

للسبي ما أنكحوا والقتل ما ولدوا ... والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا

فجمع أولاء شقاء الروم بالممدوح, الشامل للسبي والقتل والنهب والإحراق, ثم قسم ثانيا وفصله, وذكر صاحب المقتاح (وتبعه ابن حجة) قبل البيت الأخير من هذه الأبيات قوله:

والدهر معتذر والسيف منتظر ... وأرضهم لك مصطاف ومرتبع

<<  <   >  >>