للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشاهد في البيت الثالث. قال الباخرزي في دمية القصر: هذا والله المعنى البديع والربيع المريع، والتشبيه اللائق، والغرض الموافق، وقد كان يملكني الإعجاب بقول ابن المعتز، فزاد التهامي عليه، وفي المثل: من زاد ركب.

وقال النابغة:

يقولون حصن ثم تأبى نفوسهم ... فكيف بحصن والجبال جنوح.

وأحسن ابن بسام أتباعه فقال:

قد استوى الناس ومات الكمال ... وصاح صرف الدهر أين الرجال.

هذا أبو القاسم في نعشه ... قوموا انظروا كيف تزول الجبال.

وقال عمر بن كلثومك

فآبوا بالنهاب وبالسبايا ... وأبنا بالملوك مصفدينا.

فأحسن أبو تمام أتباعه فقال:

إن الأسود إسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب.

وقال منصور النمري: فكأنما وقع الحسام بهامه=خدر الأسنة أو نعاس الهاجع.

فأحسن أبو الطيب أتباعه فقال:

كأن الهام في الهيجا عيون ... وقد طبعت سيوفك من رقاد.

وقال بكر بن النطاح:

يتلقى الندى بوجه حيي ... وصدور القنا بوجه وقاح.

فأحسن السري الرفاء أتباعه فقال:

يلقى الندى برقيق وجه مسفر ... فإذا التقى الجمعان عاد صفيقا.

وما أحسن ما قال بعده:

رحب المنازل ما أقام فإن سرى ... في جحفل ترك الفضاء مضيقا.

وقال الأول:

خلقنا لهم في كل عين وحاجب ... بسمر القنا والبيض عينا وحاجبا.

فأحسن ابن نباتة السعدي أتباعه فقال: خلقنا بأطراف القنا في ظهورهم=عيونا لها وقع السيوف حواجب.

وماى أحسن قوله بعده:

لقوا نبلنا مرد العوارض وانثنوا ... بأوجههم منها لحي وشوارب.

وشواهد هذا النوع أكثر من أن يحيط بها نطاق الحصر، فلنكتف منها بهذا القدر والله أعلم.

وبيت بديعية الصفي قوله:

ينازع السمع فيها الطرف حين جرت ... فيرجعان إلى الآثار في الأكم.

قال في شرحه: موضع حسن الأتباع منه، إني سمعت بيتا مجهولا قائله، ومعناه يحتمل الزيادة وهو:

وطرف يفوت الطرف في حركاته ... ولكن للأسماع فيه نصيب.

فلما احتجت أن لا أخلى القصيدة من هذا النوع، زدت فيه استعارة المنازعة بين السمع والطرف والمحاكمة في الرجوع إلى الآثار، وزيادة أن الآثار في الأكم مما يدل على صلابة الحوافر والسنابك، وهو مما يمدح به الخيل، وفيه زيادة الإيغال وتمكين القافية.

ولم ينظم ابن جابر هذا النوع.

وبيت بديعية الموصلي قوله:

والجذع حن عليه بعد فرقته ... حسن إتباع لتلك الأربع الحرم.

قال في شرحه: إنه اتبع الفرزدق في قوله يمدح علي بن الحسين عليه السلام:

يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم.

وبيت بديعية ابن حجة قوله:

ذكراه تطربهم والسيف ينهل من ... أجسامهم لم يشن حسن إتباعهم.

قال في شرحه: غنه اتبع فيه قول ابن العارض:

ولي ذكرها يحلو على كل صيغة ... ولو مزجزه عذلي بملام.

وبيت بديعية المقري قوله:

قد مس راحته من مس راحته ... فكم من المس أبرى كل ذي لمم.

قال في شرحه أنه اتبع فيه قول صاحب البردة:

كم أبرأت وصبا باللمس راحته ... وأبرأت أربا من ربقة اللمم.

ولم ينظم السيوطي ولا الطبري هذا النوع.

قل ما أردت سوى الإشراك فهو إذن ... من فوق ما قلت من عز ومن عظم.

قال في شرحه أنه اتبع فيه قول البوصيري في البردة:

دع ما أدعته النصارى في نبيهم ... واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم.

وبيت بديعيتي قولي:

هم عصمة للورى ترجى النجاة بهم ... يا فوز من زانه حسن إتباعهم.

هذا البيت أتبعت فيه قول الفرزدق من قصيدته في علي بن الحسين عليه السلام:

من معشر حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجى ومعتصم.

ووجه حسن الإتباع فيه إني استوفيت معنى البيت كله في الشطر الأول، فإن من كان عصمة للورى وبه ترجى النجاة، كان من المعلوم أن حبه دين وبغضه كفر. وزدت عليه بالحض على حسن إتباعهم والترغيب في موالاتهم في الشطر الثاني صريحا مع حسن البيان وتمكين القافية، والله أعلم.

[الطاعة والعصيان]

أطعمهم وأحذر العصيان تنج إذا ... بيض الوجوه غدت في النار كالفحم.

<<  <   >  >>