المماثلة هي أن تتماثل الألفاظ أو بعضها في الرنة من غير تقفية, كقوله تعالى "وما أدريك ما الطارق, النجم الثاقب, إن كل نفس لما عليها حافظ" فالطارق والثاقب والحافظ متماثلات في الزنة بدون تقفية. ومثله قوله تعالى "فاصبر جميلا, إنهم يروونه بعيدا, ونراه قريبا".
ومن أمثلته في الشعر قول التهامي:
أهوى الحجاز وطلحه وسياله ... وأراكه وبشامة وغضاه
فسقى الإله سهوله وحزونه ... ومروجه ووهاده ورباه
وقوله أيضاً:
أهدى لنا في النوم نجدا كله ... ببدوره وغصونه وظبائه
وقول ابن الحديد يمدح عليا عليه السلام:
الصافح الفتاك والمتطول ... المناع والآخاذ والتراك
وقول أبي حصين علي عبد الملك في أبي فراس بن حمدان:
من ذا يطاوله أم من يماجده ... أم من يساجله أم من يكاثره
أم من يقاربه في كل مكرمة ... أم من يناضله أم من يساوره
أم من يبارزه أم من يوافقه ... في كل معركة أم من يصابره
وقول ابن هاني:
وكفاك من حب السماحة أنها ... منه بموضع مقلة من محجر
فغمامه من رحمة وعراصه ... من جنة ويمينه من كوثر
والفرق بين المماثلة والمناسبة اللفظية: توالي الألفاظ المتزنة في المماثلة دون المناسبة. ولا يخفى أن هذا النوع -أعني المماثلة- ليس تحته كبير أمر, لما كان أمرا زائدا على ما خلا عنه من الكلام عد من البديع.
وبيت بديعية الشيخ صفي الدين الحلي قوله:
سهل خلائقه صعب عرائكه ... جم عجائبه في الحكم والحكم
وبيت بديعية الشيخ عز الدين الموصلي قوله:
يبدي مماثلة يعطي مناسبة ... يجزي مجانسة في الكلم والكلم
وبيت بديعية ابن حجة قوله:
فالخير رافقه والعفو جاوره ... والعدل جانسه في الحكم والحكم
وبيت بديعية الطبري قوله:
من ذا يماثله جلت فضائله ... والله مادحه في النون والقلم
ليس هذا البيت من المماثلة في شيء لما علمت من أنها تماثل الكلمات في الزنة دون التقفية, فقوله: يماثله, وفضائله, تماثلا وزنا وتقفية. وقوله: مادحه, لا يماثل ما قبله في الزنة.
وبيت بديعيتي قولي:
فمن يماثله أو من يجانسه ... أو من يشاكله في العلم والعلم
وبيت المقري قوله:
فامدح عوارفه واعرف مدائحه ... وانظم محاسنه يا حسن منتظم
التوشيع لقد تقمص بردا وشعته له=فخرا يد الأعظمين البأس والكرم التوشيع هو أن يؤتى في عجز الكلام -نظما كان أم نثراً- بمثنى مفسر باسمين, ثانيهما معطوف على الأول نحو, يشيب ابن آدم وتشب فيه خصلتان: الحرص وطول الأمل.
قال الصفي في شرح بديعيته: هو مأخوذ من الوشيعة, وهي الطريقة الواحدة في البرد المطلق, فكأن الشاعر أهمل البيت كله إلا آخره فإنه أتى فيه بطريقة تعد من المحاسن.
وقال السعد التفتازاني: سمي توشيعا لأن التوشيع لف القطن المندوف فكأنه يجعل التعبير عن المعنى الواحد بالمثنى المفسر باسمين بمنزلة اللف, وتفسيره باسمين متعاطفين بمنزلة اللف, وتفسيره باسمين متعاطفين بمنزلة الندف فكان الأظهر أن يقول: بمنزلة ندف القطن بعد لفه.
وأجيب: بأن اللف المقصود في القطن يتأخر عن ندفه, فيكون المثنى بعمومه بحسب مفهومه وشيوعه بمنزلة المندوف, وتفسير المراد منه بالاسمين المتعاطفين بمنزلة اللف, فيكون التوشيع من قبل اللف بعد الندف, ولا حاجة إلى اعتبار القلب وغيره.
ومن أمثلته في الشعر قول الأديب (أبي) محمد بن سارة:
يا من يصيخ إلى داعي السفاه وقد ... نادى به الناعيان الشيب والكبر
إن كنت لا تسمع الذكرى ففيم ثوى ... في رأسك الواعيان السمع والبصر
ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل ... لم يهده الهاذيان العين والأثر
لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك الأع ... لى ولا النيران الشمس والقمر
ليرحلن عن الدنيا وإن كرها ... فراقها الثاويان البدو والحضر
وقول الفقيه عمارة يمدح صاحب مصر الفائز بن الظافر:
حيث الخلافة مضروب سرادقها ... بين النقيضين من عفو ومن نقم
وللخلافة أنوار مقدسة ... تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم
وللنبوة آيات تنص لنا ... على الخفيين من حكم ومن حكم