وأما كلمة (لا) فعدها حرفا واحدا كما عدها الحريري في الرقطاء كقوله: أخلاق سيدنا، عامي.
والمشدد يعد حرفا واحدا، نظرا إلى الصورة، ولهذا سمي الخليل نحو (مد) و (ود) ثنائيا.
وبيت بديعية صفي الحلي في هذا النوع مبني على التعرية نمن النقط وهو:
آل رسول محل العلم ما حكموا ... لله إلا وعدوا سادة الأمم.
ولم ينظم ابن جابر هذا النوع في بديعيته.
قال ابن حجة: وأما الشيخ عز الدين فقد تعذر عليه نظم الحذف للحروف المنقوطة لأجل تسمية النوع في البيت، إذ فيه الذال، والفاء، ولا بد من التورية بتسمية النوع كما شرط أولا، فكل منا جنح (في) باب الحذف إلى جهة.
أما الشيخ عز الدين فإنه ذكر أنه نظم في بيت الحروف النورانية المقطعة، وسمى الحذف في بيته إسقاطا فقال:
أروم إسقاط ذنبي بالصلاة على ... محمد وعلى صديقه العلم.
وأما ابن حجة فإنه حذف من بيته الأحرف التي تنقط من تحت فقال:
وقد أمنت وزال الخوف منخذفا ... نحو العدو ولم أحقر ولم أضم.
وبيت بديعية المقري قوله:
شديد حلم سديد حلمه يقظ ... يقضي ويمضي ويرضي غير متهم.
قال في شرحه: المحذوف منه ثلاثة عشر حرفا، وهي عدا ما ذكر في البيت.
وبيت بديعية العلوي قوله:
الله أودعه سرا وعلمه ... علما سما محكم الإحكام والحكم.
وبيت بديعيتي التزمت فيه حذف الحروف المنقوطة من جميع ألفاظه، إلا اسم النوع ضرورة، والعذر فيه واضح، وهو قولي:
حذفت ود سوى آل الرسول ولم ... أمدح سواهم ولم أحمد ولم أرم.
ولم أقف على بيت السيوطي في هذا النوع. وأما الطبري فلم ينظمه، والله أعلم.
[التوزيع.]
توزيع لفظي لمدحي فيهم شرفي ... في النشأتين ففخري في مديحهم.
هذا النوع من مستخرجات الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته وشرحها، وهو أن يوزع المتكلم حرفا من حروف الهجاء في كل لفظة من كلامه نظما كان أو نثرا، بشرط عدم التكلف.
وقد حاء في الكتاب العزيز مثل ذلك بغير قصد، وذلك لإعجازه وانسجامه وفصاحته، وكونه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وهو قوله تعالى: (كي نسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا) فالكاف ملزوم في جميع الكلمات سوى الفاصلة.
وكقول سليم الهوى النبلي وهي قصيدة لزم في كلماتها القاف أولها:
رشقت قلبي أحاق الرشاق ... فسقامي لسقام بالحداق.
وقول الحظوري وفي كل كلمة همزة:
بأبي أغيد أذاب فؤادي ... إذ تناءي وأظهر الأغراضا.
رشأ يألف الخباء فإن [..=.] أبدي لآمليه انقباضا.
وبيت بديعية الصفي قوله (ولزم فيه حرف الميم) :
محمد المصطفى المختار من ختمت ... بمجده مرسلو الرحمن للأمم.
ولم ينظم ابن جابر ولا الموصلي ولا ابن حجة ولا السيوطي ولا الطبري هذا النوع، أما إغفالا أو إهمالا.
وبيت بديعية المقري قوله: (ولزم فيه حرف الراء) :
عسير حرب يسير الرعب ينصره ... شهرا بشير نذير طاهر الأرم.
وبيت بديعية العلوي قوله (ولزم فيه حرف الميم) :
محمد المجتبى المحبو من ملك ... بما يكرم من مجد ومن نعم.
وبيت بديعيتي قولي (والملزوم فيه حرف الياء) :
توزيع لفظي لمدحي فيهم شرفي ... في النشأتين ففخري في مديحهم.
[التسميط.]
سمطت من فرحي في وصفهم مدحي ... ولم أنل منحي إلا بجاههم.
التسميط مأخوذ من السمط- بكسر السين المهملة وسكون الميم- وهو خيط النظم، كأنهم جعلوا القافية كالسمط، والأجزاء المسجعة بمنزلة حبات العقد، أو من السمط بمعنى القلادة، كأنهم جعلوا البيت بتفصيله بالأجزاء المسجعة كالقلادة المفصلة بالجواهر المناسبة. وهو عبارة عن أن يجعل الشاعر البيت من قصيدة، أو كل بيت منها، أربعة أقسام، ثلاثة منها على سجع واحد مع مراعاة القافية في الرابع.
كقول جنوب الهذلية:
وحرب وردت ... وثغر سددت.
وعلج شددت ... عليه الحبالا.
ومال حويت ... وخيل حميت.
وضيف قريت ... يخاف الوكالا.
وكقول الحريري والشاهد فيما عدا المطلع:
أيا من يدعي الفهم ... إلى كم يا أخا الوهم.
تعبي الذم والذنب ... وتخطي الخطأ الجم.