للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نأى لا نأى لما دنا الهجر لا دنا ... فيا ليت ذا ناء وذلك داني

ومنه قولي:

لاموا على كثر البكا ناظري ... ولم يروا منظره الناضرا

ولو رأى العاذل لي لا أرى ... أصبح لا أصبح لي عاذرا

وبيت الشيخ صفي الدين الحلي قوله:

فإن من أنفذ الرحمن دعوته ... وأنت ذاك لديه الجار لم يضم

وابن جابر لم ينظم ذلك النوع.

وبيت الشيخ عز الدين الموصلي قوله:

فلا اعتراض علينا في السؤال به ... أعني الرسول لكي أنجو من الضرم

وبيت ابن حجة قوله:

فلا اعتراض علينا في محبته ... وهو الشفيع ومن يرجوه يعتصم

وبيت بديعية الطبري قوله:

لي منك عهد عسى أني أكون به ... أرعى بدون اعتراض من ذوي الخدم

وبيت بديعيتي هو:

وما عليه اعتراض في نبوته ... وهو الصدوق فثق بالحق والتزم

وبيت المقري قوله:

صلى الإله ووالاها عليك كما ... صلت ظباك على القتلى ولم تضم

[حصر الجزئي وإلحاقه بالكلي]

هو العوالم عن حصر بأجمعها ... وملحق الجزء بالكلي في العظم

هذا النوع من مستخرجات ابن الأصبع, وعرفه بان يأتي المتكلم إلى نوع ما فيجعله له جنسا بعد حصر أقسام الأنواع فيه والأجناس, كقوله تعالى "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر" فإنه سبحانه وتعالى تمدح بأنه يعلم ما في البر والبحر من أصناف الحيوان والنبات والجماد, لاحتمال أن يظن ضعيف, أنه جل جلاله يعلم الكليات دون الجزئيات, فإن المولدات وإن كانت جزئيات بالنسبة إلى جملة العالم, فكل واحد منها كلي بالنسبة على ما تحته من الأجناس والأنواع والأصناف, فقال لكمال التمدح "وما تسقط من ورقة إلا يعلمها" وعلم أن علم ذلك يشاركه فيه كل ذي إدراك, فتمدح بما لا يشاركه فيه أحد ففال "ولا حبة في ظلمات الأرض" ثم ألحق هذه الجزئيات بالكليات حيث قال "ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين".

ومثاله من النظم قول السلامي:

إليك طوى عرض البسيطة جاعل ... قصارى المطايا أن يلوح لها القصر

فكنت وعزمي في الظلام وصارمي ... ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر

فبشرت آمالي بملك هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر

فإنه قصد تعظيم الممدوح, وداره التي قصده فيها, ويومه الذي لقيه فيه, فجعل الممدوح جميع الورى وهو جزء منه, وداره الدنيا وهي جزء منها, ويومه الدهر وهو جزء منه, فجعل الجزئي كليا وحصر أقسام الجزئي. لأن العالم عبارة عن أجسام وظروف زمان ومكان, فقد حصر ذلك. قال الصفي وفي هذا الحصر نظر.

وقد أخذ هذا المعنى القاضي الأرجاني فقال من قصيدة:

يا سائلي عنه لما جئت أمدحه ... هذا هو الرجل العاري من العار

رأيته فرأيت الناس في رجل ... والدهر في ساعة والأرض في دار

وكرر السلامي هذا المعنى في شعره لكنه لم يكمله, فأتى ببعضه في بيت من قصيدة وهو:

أنت الأنام فمن أدعو وحضرتك ال ... دنيا فأين أقضي بعض أوطاري

واستعمله المتنبي أيضاً فقال:

هي الغرض الأقصى ورؤيتك المنى ... ومنزلك الدنيا وأنت الخلائق

وقوله أيضاً:

هديه ما رأيت مهديها ... إلا رأيت العباد في رجل

وقوله:

ولقيت كل الفاضلين كأنما ... رد الإله نفوسهم والأعصرا

والسابق إلى هذا المعنى أبو نواس في قوله يمدح الأمين والخطاب لناقته:

متى تحطي إليه الرحل سالمة ... تستجمعي الخلق في تمثال إنسان

وقوله في الفضل بن الربيع:

ليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد

وقال آخر في مرثية:

فيا قبره كيف احتويت على الورى ... ويا لحده كيف اشتملت على البحر

والأصل في هذا كله قوله تعالى "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين" قال المفسرون في أحد الوجوه: أي أنه كان وحده أمة من الأمم لكماله في جميع صفات الخير.

وبيت بديعية الصفي قوله:

شخص هو العالم الكلي في شرف ... ونفسه الجوهر القدسي في عظم

قال في شرحه: هذا من جعل الجزئي كليا فقط, لكون البيت الواحد لا يسع جميع تلك القيود. ولم ينظم ابن جابر هذا النوع.

وبيت بديعية العز الموصلي قوله:

<<  <   >  >>