للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تسألي عن جل مالي ... وانظري كرمي وخيري

وفوارس كأواحر ال ... نار أحلاس الذكور

شدوا دوابر بيضهم ... في كل محكمة التقير

واستلأموا وتلببوا ... إن التلبب للمغير

وعلى الجياد المضمرات ... فوارس مثل الصقور

يخرجن من خلل الغبار ... يجفن بالنعم الكثير

أقررت عيني من أو ... لئك والفوائح بالعبير

وإذا الرياح تناوحت ... بجوانب البيت الكبير

ألفيتني هش اليدين ... بمري قد حي أو شجيري

ولقد دخلت على الفتا ... ة الخدر في اليوم المطير

الكاعب الحسناء ترفل ... في الدمقس وفي الحرير

فدفعتها فتدافعت ... مشي القطاة إلى الغدير

ولثمتها فتنفست ... كتنفس الظبي الغريرٍ

فدنت وقالت يا منخ ... ل هل بجسمك من فتور

ما شف جسمي غير جسمك ... فاهدئي عني وسيري

يا هند هل من نائل ... يا هند للعاني الأسير

وأحبها وتحبني ... ويحب ناقتها بعيري

ولقد شربت من المدا ... مة بالصغير والكبير

فإذا سكرت فإنني ... رب الخورنق والسدير

وإذا صحوت فأنني ... رب الشويهة والبعير

يا رب يوم للمنخل ... قد لها فيه قصير

وقول عبد الله بن العجلان شاعر جاهلي, وهو أحد من قتله العشق:

فارقت هنداً طائعاً ... فندمت عند فراقها

فالعين تذري عبرة ... كالدر من آماقها

خود رداح طفلة ... ما الفحش من أخلاقها

ولقد ألذ حديثها ... وأسر عند عناقها

وقوله أيضاً وهو من المطرب:

خليلي زورا قبل الشحط النوى هنداً ... ولا تأمنا من دار ذي لطف بعدا

ومرا عليها بارك الله فيكما ... وإن لمت تكن هند لوجهكما قصدا

وقولا لها ليس الطريق أجازنا ... ولكننا جزنا لنلقاكم عمدا

والبيتان الأخيران يرويان من قصيدة للمرقش الأكبر.

حدث أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني قال: عن إسحاق بن حميد (كاتب أبي الرازي, قال: غنى علوية الأعسر يوماً بين يدي المأمون:

تخيرت من نعمان عود أراكة ... لهند فمن هذا يبلغه هندا

فقال المأمون: اطلبوا لهذا البيت ثانياً, فلم يعرف وسأل كم من بحضرته من أهل الأدب والرواة والجلساء عن قائل هذا الشعر فلم يعرفه أحد. وقلد المأمون أبا الرازي كور دجلة وأنا أكتب له, ثم نقله إلى اليمامة والبحرين. وقال إسحاق بن حميد) : فلما خرجنا ركبت مع أبي الرازي في بعض الليالي في قبة على جمازة, فابتدأ الحادي يحدو بقصيدة طويلة, وإذا البيت الذي كنت أطلب له أخاً ثابت فيها, فسألته عنها, فذكر إنها للمرقش الأكبر. فاخترت منها وكتب بها إلى المأمون فسر بذلك, وأمر المغنين أن يصنعوا فيها ألحاناً ويغنون بها. انتهى.

قلت: واخترت أنا من الأبيات التي اختارها إسحاق هذه الأبيات:

خليلي عوجا بارك الله فيكما ... وإن لم تكن هند لأرضكما قصدا

وقولا لها ليس الضلال أجازنا ... ولكننا جزنا لنلقاكم عمدا

تنقيت من نعمان عود أراكة ... لهند فمن هذا يبلغه هندا

ستبلغ هندا إن سلمنا قلائص ... مهاري يقطعن الفلاة بنا وخدا

فناولتها المسواك والقلب خائف ... وقلت لها يا هند أهلكتنا وجدا

فمدت يداً في حسن دل تناولا ... إليه وقالت ما أرى مثل ذا يهدى

وأما ما وقع من الانسجام في أشعار المخضرمين, وهم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام, فمنه قول الأعشى يمدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

فآليت لا أرثي لها من كلالة ... ولا من حفى حتى تلاقي محمدا

متى ما تناخى عند باب ابن هاشم ... تراحي وتلقي من فواضله يدا

نبي يرى مالاً ترون وذكره ... أغار لعمري في البلاد وانجدا

له صدقات ما تغب ونائل ... وليس عطاء اليوم ما نعه غدا

ومنها:

شباب وشيب وافتقار وثروة ... فلله هذا الدهر كيف ترددا

وما زلت أبغي المال مذ كنت يافعا ... وليدا وكهلا حيث شبت وأمردا

وقوله:

ودع هريرة أن المركب مرتحل ... وهل تطيق وداعاً أيها الرجل

غراء فرعاء مصقول عوارضها ... تمشي الهوينا كما يمشي الوجل الوحل

<<  <   >  >>