للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما صفراء تكنى أم عوف ... كأن رجليتيها منجلان.

فقال: زرادة، فقال: صدقت. ثم قال ملغزا في زج:

فما اسم حديدة في الرمح ترسى ... دوين الصدر ليست بالرماح.

فقال: زز، فقال: أصبت. ثم قال ملغزا في مسجد بجوار بني شيطان، وهو بالبصرة.

أتعرف مسجدا لبني تميم ... فويق الميل دون بني أبان.

فقال: هو بني سيطان، فقال: أحسنت. ثم تنادموا وتفاكهوا إلى سحرة في أرغد عيش. وهذا أبو عطاء من الشعراء الجيدين، واسمه مرزوق، وكان عبداً أحزب- والأحزب المشقوق الأذن- وله في كتاب الحماسة مقاطيع نادرة.

وقال ابن منقذ ملغزا في الضرس:

وصاحب لا أمل الدهر صحبته ... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد.

لم ألقه مذ تصاحبنا فمذ وقعت=عيني عليه تفارقتا إلى الأبد.

وكتب النصير الحمامي إلى السراج الوراق ملغزا في سيل:

قصدت سراج الدين في ليل فكرة ... فكاد جواد الفكر في سبله يكبو.

ليرشدني شيئا به يدرك المنى ... له قلب صب كم فؤاد له يصبو.

إذا ركب البيداء يخشى ويتقى ... ولم يفنه طعن ول

م يفنه ضرب.

بقلب يهد الصخر عند لقائه ... ومن عجب الأشياء ليس له قلب.

فأجابه السراج الوراق:

أراك نصير الدين هذبت خاطري ... وقد لذ لي من لغزك السلسل العذب.

وأثبت قلبا منه ثم نفيته ... وأعرفه صبا وهام له قلب.

وأعرف منه أعينا لا تحفها ... جفون كعادات العيون ولا هدب.

فدونك ما ألغزته لي مبينا ... وذلك ما يحتاجه العجم والعرب.

وأنشد ابن الأعرابي في أيام الجمعة:

يا سبعة كلهم إخوان ... ليسوا يموتون وهم شبان.

لم يرهم في موضع إنسان.

وقال بعضهم في فتيلة المصباح:

وحية في رأسها درة ... تسبح في بحر قصير المدى.

إذا تناءت فالعمى حاضر ... وإن دنت بأن سبيل الهدى.

ومن الألغاز النحوية قول الشاعر:

إن هند المليحة الحسناء ... وأي من أضمرت لخل وفاء.

برفع هند والمليحة، ونصب الحسناء، فيقال: كيف رفع اسم إن وصفته الأولى؟ والجواب: أن الهمزة فعل أمر، وأي- كوفي ويفي- بمعنى وعد، والنون للتوكيد، والأصل (أين) بهمزة مكسورة، وياء ساكنة للمخاطبة، ونون مشددة ثم حذفت الياء لالتقائها ساكنة مع النون المدغمة، وهند منادى مثل (يوسف أعرض عن هذا) ، والمليحة: نعت لها على اللفظ، والحسناء: إما نعت لها على الموضع، إما تقدير أمدح، وإما نعت لمفعول به محذوف، أي عدي يا هند المرآة الحسناء. وعلى الوجهين الأولين فإنما يكون أمرها بإيقاع الوعد الوفي من غير أن يعين لها الموعود، وقوله (وأي) من مصدر نوعي منصوب بفعله، والأصل (وأيا مثل وأيا من) فحذف أولا (وأيا) ثم (مثل) وأنيب (وأي) منابه. ومثله (فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر. وقوله: (أضمرت) بالتأنيث ومحمول على المعنى مثل: من كانت أمك؟.

وقول أخر:

أقول لعبد الله لما سقاؤنا ... ونحن بوادي عبد شمس وهاشم.

ويقال: أين فعلا (لما) ؟ والجواب: إن (سقاؤنا) فاعل لفعل محذوف يفسره (وها) بمعنى سقط، والجواب محذوف تقديره (قلت) بدليل قوله (أقول) ، وقوله (شم) آمر، من قولك (شمت البرق) إذ نظرت إليه، والمعنى: لما سقط سقاؤنا قلت لعبد شمسه.

ومن الألغاز العربية قول الشاعر:

عافت الماء في الشتاء فقلنا ... برديه تصادفيه سخينا.

فيقال: كيف يكون التبريد سببا لمصادفته سخينا، وجوابه: إن الأصل (بل برديه) ثم كتب على لفظه للألغاز.

وبيت بديعية الصفي قوله:

حران ينقع حر الكر غلته ... حتى إذا ضمه برد المقيل ظمي.

وبيت بديعية الموصلي قوله:

إن المنافق لغز قلبه زغل ... وهو المعمى كمثل الأرزة الرزم.

قال ابن حجة: لم يأت الشيخ عز الدين في بيته بغير الجناس المقلوب في (لغز وزغل) وأما التعمية ب (الأرزة الرزم) فما علمت مار المراد منها حتى نظرت في شرحه فوجدته قد قال: الرزم: القائم. والأرزة: شجرة الصنوبر. فما ازددت في التعمية غير تعمية.

وبيت بديعية ابن حجة ملغزا في الرمح قوله:

وكلما ألغزوه حله لسن ... مذ طال تعقيده أزرى بفهمهم.

وبيت بديعية المقري قوله:

<<  <   >  >>