للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولها من ذاتها طرب ... فلهذا يرقص الحبب.

وقول ابن القيسراني: هو الذي سلب العشاق نومهم=أما ترى عينه ملأى من الوسن.

وقول أبي يوسف يعقوب بن صابر المنجيقي:

قبلت وجنته فألوى جيده ... خجلا ومال بعطفه المياس.

فانهل من خديه فوق عذاره ... عرق يحاكي الطل فوق الآس.

فكأنني استقطرت ورد خدوده ... بتصاعد الزفرات من أنفاسي.

قال القاضي شمس الدين بن خلكان: وأنشدني صاحبنا عفيف الدين علي بن عدلان المعروف بالمترجم لأبي يوسف المنجيقي المذكور، وذكر أنه لم يسبق إليه، وهو قوله:

لا تكن واثقا بمن كظم الغي ... ظ اغتيالاً وخف غرار الغرور.

فالظبي المرهفات أفتك ما كا ... نت إذا غاض ماؤها في الصدور.

وأنشدني الشيخ العلامة محمد بن علي الشامي رحمه الله تعالى لنفسه، قال: وهو مما لم أسبق إليه:

هجروا وما صبغ الشباب عوارضي ... عجلان ما علق المشيب بزيقي.

فكأنني والشيب أقرب غاية ... يوم الفراق كرعت من رواوق.

ومن معانيه المخترعة قوله أيضاً:

لم يضمروا قتل المدام فمالها ... تصفر من وجل ومن إشفاق.

خجلت لقهقهة الزجاج فجللت ... بقميصه الوردي وجه الساقي.

وقوله أيضاً من قصيدة تقدم بعضها:

قمر يفور النور من أطواقه ... فكأنها فوارة للنور.

وأنشدني لنفسه صاحبنا السيد الأجل حسين بن علي بن الأمير شرف الدين الحسني وذكر أنه لم يسبق إليه:

ومتى الفتى يوما نأى عن داره ... لقي الهوان ولو يكن جليلا.

كالسهم يبقى بعد فرقة قوسه ... فوق التراب

وإن أصاب

ذليلا.

ومما وقع لي من المعاني المخترعة قولي في وصف الخمر من قصيدة تقدم إنشادها في نوع الغلو:

فانهض إلى حمراء صافية ... قد كان يشرب بعضها بعض.

وقولي منها:

لا تنكرن لهوي على كبري ... فعلي من عصر الصبا قرض.

وقولي من أخرى:

يفتر ثغر حباب الكأس في يده ... كأنها حين يجلوها تمازحه.

وقولي في وصفة سيف الوالد قدس الله روحه:

لا تحسبن فرند صارمه به ... وشيا أجادته القرون فأبهر.

هذا ندى يمناه سال بمنته ... فغدا يلوح بصفحتيه جوهرا.

وقولي فيمن أورث شرب الخمر يده رعشة: لا تحسب الراح أورثت يده=من سوئها رعشة لها اضطرابا.

لكنه لا يزال يلمسها=بالكف تهتز دائما طربا.

وقولي أيضاً من قصيدة:

أرعى له العهد وكم ليلة ... حليت من ذكراه كأس النديم.

فليتني إذا لم يزرني سوى ... خياله من بعض أهل الرقيم.

وبيت بديعية الصفي قوله:

كادت حوافرها تدمي جحافلها ... حتى تشابهت الأحجال بالرثم.

الجحفلة (بتقديم الجيم والحاء المهملة) : بمنزلة الشفة للخيل والبغال والحمير، ولا تختص بالعليا كما زعم ابن حجة. والرثم- بالتحريك، بياض في طرف أنف الفرس، أو كل بياض أصاب الجحفلة العليا فبلغ الرسن، أو بياض في الأنف. يقول: إن هذه الخيل لسرعتها في الركض اتصلت أحجالها بجحافله، حتى تشابها في البياض.

ولم ينظم ابن جابر هذا النوع في بديعيته.

وبيت بديعية الموصلي قوله:

سلامة لاختراعي في على هممي ... اسمي وفعلي كحرف عند رسمهم.

قال في شرحه: اسمي علي، وفعلي علي، والحرف المشبه بهما في هذا المعنى على الذي هو معدود من حروف الجر.

قال ابن حجة: لو ألحق الشيخ عز الدين ما قاله هنا بالألغاز لكان أليق وأقرب، فإن سلامة الاختراع وغرابة المعنى عنه بمعزل.

وبيت بديعية ابن حجة قوله:

وقده باختراع سالم أنف ... يبدو بترويسه من رأس كل كمي.

قال في شرحه: هذا الاختراع يعد من المرقص والمطرب. قلت: لم أر في هذا البيت اختراعا سوى قوله: ترويسه، فإنها لفظة مخترعة لم ترد بها لغة، ولا نطق بها أحد قبله، وأما تشبيهي قد الرمح بالألف فهو من التشبيهات المبتذلة التي ليس فيها غرابة ولا سلامة اختراع.

وبيت بديعية المقري قوله:

أمضى من البرق يغشى الموت من خطفت ... يوم الكريهة قبل العلم بالألم.

ولم أقف على بيت بديعية السيوطي في هذا النوع.

وبيت بديعية العلوي قوله:

لو مر في قلبه أن لا يضر فتى ... حر الجحيم لما بالى من الضرم.

<<  <   >  >>