للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى (حملته أمة كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهراً) فأنها سيقت لإثبات منة الوالدة على الولد، وأدمج فيها أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، لأنه إذا وضع للفصال أربعة وعشرون شهرا ُلقوله تعالى (وفصاله في عامين) بقي للحمل ستة أشهر، وهي أقل مدته، ويسمى هذا النوع في أصول الحنفية بالإشارة.

ومن النظم قول أبي الطيب في وصف الليل:

أقلب فيه أجفاني كأني ... أعد بها الدهر الذنوبا

فإنه ضمن وصف الليل بالطول الشكاية من الدهر، يعني لكثرة تقليبي لأجفاني في ذلك الليل كأني أعد على الدهر ذنوبه.

وقول ابن المعتز في الخيري:

قد نفض العاشقون ما صنع ال ... هجر بألوانهم على ورقة

فان الغرض وصف الخيري بالصفرة فأدمج الغزل في الوصف، وفيه وجه آخر من الحسن وهو إيهام الجمع بين المتنافيين، أعني الإيجاز والإطناب، أما الإيجاز فمن جهة الإدماج، وأما الإطناب فلأن أصل المعنى أنه أصفر، فاللفظ زائد عليه لفائدة، وقد مر الاستشهاد به في نوع البسط.

ومنه قول ابن نباتة:

ولا بد من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل أودع الحلم عنده

فأنه أدمج في الغزل الفخر بكونه حليماً، حيث كنى عن ذلك بالاستفهام عن وجود خليل صالح لأن يودعه حلمه، وضمن الفخر بذلك شكوى الزمان لتغير الأخوان، حيث اخرج الاستفهام مخرج الإنكار إشارة إلى أنه لم يبق في الإخوان من يصلح لهذا الشأن، ونبه بذلك على أنه لم يعزم على مفارقة حلمه أبداً، لكن لما كان مريداً لوصل هذا المحبوب المستلزم للجهل المنافي للحلم، عزم على أنه إن وجد من يصلح لأن يودعه حلمه أودعه إياه، فأن الودائع مستعارة آخر الأمر.

وأورد غير واحد، منهم صاحب المصباح، صفي الدين الحلي في شرح بديعيته، وابن حجة، وسائر أصحاب البديعيات في شروحهم مثالاً لهذا النوع قول عبيد الله بن عبد الله بن طاهر لعبيد الله بن سليمان بن وهب حين وزر للمعتضد، وهو:

أبى الدهر إسعافنا في نفوسنا ... فأسعفنا فيمن نجد ونكرم

فقلت له نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا أن المهم المقدم

قالوا: أدمج شكوى الزمان، وشرح ما هو عليه من اختلال الأحوال في ضمن التهنية. ورد بان الشكوى مصرح بها في صدر البيتين فكيف تكون مدمجة؟ ولو جعل التهنية مدمجة في الشكوى لكان أقرب.

ومن بديع الإدماج قول الصاحب بن عباد يمدح الأستاذ أبا الفضل بن العميد:

إن خير المداح من مدحته ... شعراء البلاد في كل ناد

فأنه أدمج الافتخار في أثناء المدح، وهذا البيت من جملة قصيدة من عيون شعر الصاحب وهي:

من لقلب يهيم في كل واد ... وقتيل للحب من غير واد

إنما أذكر الغوالي والمق ... صد سعدى مكثراً للسواد

وإذا ما صدقت فهي مرامي ... ومنائي وروضتي ومرادي

وندى ابن العميد أني عميد ... من هواها ألية الأمجاد

لو درى الدهر أنه من بنيه ... لا زدرى قدر سائر الأولاد

أو رأى الناس كيف يهتز للجو ... دلما عددوه في الأطواد

أيها الآملون حطوا سريعاً ... برفيع العماد واري الزناد

فهو أن جاد ذم حاتم طي ... وهو إن قال فل قس أياد

وإذا ما ارتأى فأين زياد ... من دهاه وأين آل زياد

أقبل العيد يستعير حلاه ... من علاه العزيزة الأنداد

سيضحي فيه بمن لا يوالي ... هـ ويبقى بقية الأعياد

ومديحي إن لم يكن طال أبيا ... تاً فقد طال في مجالي الجياد

أن خير المداح من مدحته ... شعراء البلاد في كل ناد

على أنه ألم فيه بقول يزيد بن محمد المهلبي لابن المدبر وهو:

أن أكن مهدياً لك الشعراني ... لابن بيت تهدى له الأشعار

وبيت بديعية الصفي قوله:

لصدق قولك لو حب امرؤ حجرا ... لكان في الحشر عن مثواه لم يرم

قال في شرحه: الإدماج فيه سؤاله حسن الحشر في زمرة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في ضمن تصديق الحديث المأثور.

وبيت بديعية ابن جابر قوله:

لهم أحاديث مجد كالرياض إذا ... أهدت نواسم أحيت دارس السلم

قال رفيق الناظم في شرحه: جعل لهم أولا أحاديث مجد طيبة، وأدمج في ذلك وصف الرياض. انتهى. ولا يخفى ما فيه.

وبيت بديعية الموصلي قوله:

<<  <   >  >>