الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته". فلولا انهما عقلًا أن المفهوم من التعليق ما ذكرناه، لم يكن لتعجبهما معنى.
فإن قيل: لا يمتنع أن يكون تعجبهما لما أنهما عقلا من الآيات الواردة في وجوب إتمامها، وأنَّ حال الخوف مستثناة عنها، فإذا زال الخوف بقي على الأصل- قلنا: الآيات الواردة في وجوب الصلاة لا تتعلق بالإتمام، ولا كان الأصل فيها الإتمام، لما رُوى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "الصلاة في الأصل ركعتان زيدت في الحضر، وأُقرت في السفر"، وإذا بطل أن يكون الأصل في الصلاة الإتمام، لم يكن تعجبهما إلا لما ذكرنا.
فإن قيل: لو كان التعليق بالشرط يمنع من ثبوت الحكم مع فقده، لما جاز القصر مع زوال الخوف، لأن القصر معلق به- يقول تعالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} - قلنا: ظاهر الشرط يمنع من ذلك، إلا أنه لا يمتنع قيام الدلالة على خلاف الظاهر، كما لا يمتنع قيام الدلالة على خلاف ظاهر العموم.
وأما من ذهب إلى أنه لا يدل على انتفاء الحكم عما عداه:
استدل بأن قال: يجوز أن يكون في التقييد فائدة أخرى غير نفي الحكم عما عداه، نحو أن يقول تعالى: "ضحُّوا بالشاة إن كانت عوراء" إذا كان في علم الله تعالى أنه لو أطلق الكلام لتوهَّم مُتوهِّم أن العوراء غير داخل تحت الأمر، فقيد الأمر به لإزالة الإيهام. وإذا جاز ذلك، فالتقييد بالشرط لا يدل