للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على انتفاء الحكم عما عداه- دلَّ عليه قوله تعالى: {ولا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}: قيد النهي عن الإكراه على البِغاء بشرط إرادة التحصين، ثم حرمة الإكراه لا تتوقف على إرادة التحصين.

والجواب:

إنا لا نقول إن انتفاء الحكم عما عداه من جهة أنه ليس في التقييد فائدة أخرى سوى انتفاء الحكم عما عداه، ليبطل كلامنا بإبرازه فائدة أخرى، بل نقول بانتفائه من جهة اللفظ، لأن كلمة "إن" جارية مجرى قول القائل: "الشرط في الحكم كذا وكذا" والمفهوم من الشرط توقيف الحكم على وجوده، فلو ثبت الحكم مع فقده، لم يكن الحكم موقوفًا عليه وبطل كونه شرطًا.

وأما قوله: إن الله تعالى قيد الإكراه على البغاء بشرط إرادة التحصين- قلنا: لا نقول إن أرادة التحصين شرط إلا أن الله تعالى ذكره، لأن الإكراه في العادة عند إرادة التحصين، فكما تخصص الإكراه على البغاء عند إرادة التحصين، خصَّ الله تعالى النهي عنه به، فثبت أن تقييد الحكم بالشرط ينفي الحكم عما عداه، لكنه لا يمنع كون غيره شرطًا، ولا غقامة شرط آخر مقامة. وكون الشرط نافيًا للمشروط بدونه وعند فقد غيره، وكونه نافيًا لكون غيره شرطًا- غير. فلو دلَّ الدليل على ثبوت شرط ثانٍ، علمنا بانتفاء الحكم مع فقدهما، وإذا لم يدل الدليل على ذلك وقطعنا أنه لا شرط إلا الأول، قضينا بانتفاء الحكم مع فقده.

وإنما قلنا: إنه لا يمنع من إقامة شرط آخر مقامه، لأنه ليس في اللفظ ذكر نفي شرط آخر، فإن قوله: "أعط زيدًا درهمًا إن دخل الدار" ليس في اللفظ

<<  <   >  >>