للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدليل على عموم كلمة "مَنْ" في الاستفهام والمجازاة:

- أما في الاستفهام، فلأن قول القائل "من عندك؟ " يكون استفهامًا عن كل عاقل عنده، حتى حسن من المجيب أن يجيبه بذكر كل عاقل عنده، بل يجب عليه ذلك، ولو اقتصر في الجواب على ذكر البعض، لامه العقلاء من أهل اللغة على ذلك، ويقولون: إن فلانًا قال لك "من عندك؟ " فلم أجبته بذكر البعض؟ ومعلوم أن الجواب أبدًا يحسن إذا تناول ما تناوله السؤال، حتى لو أجابه بذكر العقلاء وبذكر الحمير يقبح ذلك- فلولا أن قوله "من عندك؟ " استفهام عن كل عاقل عنده، لما حسن أن يجيبه بذكر كل عاقل عنده، لأنه يكون مجيبًا عما سأل وعما لم يسأل، وذلك في القبح يجري مجرى أن يجيبه بذكر العقلاء وذكر الحمير. فلما حسن ذلك منه، فدل على أن قوله "مَن عندك؟ " استفهام عن كل عاقل عنده- دل عليه أن الإنسان قد يكون عنده عالم من الناس لا يستطيع ذكر آحادهم فيعتذر عن الجواب، فلولا أنه فهم منه الاستفهام عن الكل لما اعتذر بهذا العذر.

- وأما في المجازاة، فإنه إذا قال "من دخل داري ضربته" ضح منه أن يستثنى أي عاقل شاء، نحو أن يقول "إلا زيدًا"، ومن حق الاسثتناء أن يخرج من اللفظ ما لولاه لوجب دخوله فيه، فلولا أنه يقتضي العموم لما صح الاسثتناء منه.

وهذه الدلالة شاملة لجميع ألفاظ العموم التي ذكرناها، إذ صحة الاستثناء شاملة للكل.

فإن قيل: ما أنكرتم على من يقول إن من حسن الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لصح دخوله تحته، وهذا لا يقتضي العموم، كما إذا قال: "اضرب رجلًا إلا زيدًا" فإن هذا لا يقتضي العموم، وإن كان المستثنى بحال لولاه لصح

<<  <   >  >>