دخوله تحته- قلنا: لو جاز ما ذكرتم لجاز أن يقول "اضرب رجلًا إلا زيدًا" ويجب أن يكون هذا استثناء، ويجري هذا في الحسن مجرى قوله:"اضرب كل من في الدار إلا زيدًا". وأهل اللغة لم يجعلوا هذا استثناء، بل يتأولون ذلك ويقولون: إن قوله "إلا" ههنا بمنزلة "ليس"- معناه "اضرب رجالًا ليس زيد منهم". وليس كقوله "اضرب كل من الدار إلا زيدًا" فإنهم يجعلون هذا استثناء، ولا يتأولون مثل هذا التأويل.
فإن قيل: لو كانت كلمة "من" تقتضي تعميم العقلاء، لدخلت الملائكة والجن تحته، لنهم عقلاء، ولو دخلوا في ذلك لصح أن يستثنى ويقول:"من دخل داري ضربته إلا الملائكة والجن" وحيث لم يصح، دل أنه لا يقتضي العموم- قلنا:"إنما لم يدخل الملائكة والجن مع أن اللفظ موضوع للاستغراق، لمانع يمنع من الدخول، وهو علمنا من حال المتكلم أنه ما عناهم بالخطاب، وإذا لم يدخلوا لا يصح الاستثناء، لأن من حق الاستثناء أنه لولاه لوجب دخوله تحته، حتى لو وجب دخوله تحت خطاب الله يصح الاستثناء، نحو أن يقول الله تعالى: "من عصاني عاقبته إلا الملائكة والجن".
وأما المخالف فقد احتج في المسألة بأشياء:
أ- منها- أن لفظة العموم كما هي مستعملة في العموم، [فهي] مستعملة في الخصوص. فكما وجب كونها حقيقة في العموم، وجب كونها حقيقة في الخصوص- والجواب ما مرَّ في أبواب الأمر.