ب- ومنها- أن ألفاظ العموم لو كانت حقيقة في الاستغراق، لكان الاستثناء نقضًا ورجوعًا، وبيانه من وجهين:
أحدهما- أن المتكلم قد دل على إرادة الكل عند أول كلامه، ثم بالاستثناء يرجع عن إرادة الكل إلى إرادة البعض، فكان نقضًا، وجرى هذا مجرى ما لو قال "ضربت كل من في الدار- لم أضرب كل من في الدار" في كونه نقضًا ورجوعًا.
والثاني- أن لفظة العموم لو كانت موضوعة للاستغراق لجرى لفظة العموم مع الاستثناء مجرى، تعديد الأشخاص والاستثناء للواحد منهم بعد ذلك، في القبح، بأن يقول "ضربت زيدًا- ضربت عمرًا- ضربت خالدًا" ثم يقول "إلا زيدًا"- فدل حسن الاستثناء على أن لفظة العموم غير موضوعة للاستغراق.
والجواب:
قلنا: ولم يجب إذا كان لفظة العموم موضوعة للاستغراق أن يكون الاستثناء رجوعًا ونقضًا؟
[أما الوجه الأول: ] قوله: إن المتكلم قد دل على إرادة الكل في أول الكلام- قلنا: ليس كذلك، لأن الاستثناء إذا اتصل بالكلام يصير جزءًا من الكلام، لأنه لا يستقل بنفسه في الإفادة، فيجب تعليقه بما قد مرَّ، فإذا علقناه به يصير جزءًا من الكلام، فلا يكون للبعض فائدة بدون البعض، بل الفائدة للجملة، وفائدة الجملة إرادة ما عدا المستثني، وليس كقوله: "ضربت كل من