للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنحن نجيبهم بمثل ذلك. ثم نقول: إنما صح الاستفهام والاستفسار لمطلق الفهم أو لزيادة الفهم: أما زيادة الفهم فلأن الفهم قد يكون ظنًا، وقد يكون عِلمًا: [فـ] إن كان ظنًا فالاستفهام يقوي ظنه، لأن الظن يتزايد قوته كما يتزايد أمارته. وإن كان عِملًا، فالعلم نوعان: ضروري، ومكتسب- فيستفهمه ليضطر إلى علم قصد المتكلم. وأما مطلق الفهم فهو ما إذا اقترن بكلامه ما يقتضي الالتباس، بأن يظن السامع أنه غير متحفظ في خطابه، بل هو كالساهي فيه، فيستفهمه لنزول الشبهة والسهو، فيخبره عن تحفظ ويقين. وقد يقترن بالكلام ما يدل على التخصيص بأن قال: "ضربت كل من في الدار" وتغلب على ظن السامع أن فيهم من يجب تعظيمه كأبيه وأمه، واللفظة موضوعة للاستغراق، وهذه الأماة قد تدل على الخصوص، فتقع المعارضة بين الأمارتين، فيستفهم، ليدل بلفظ خاص، ليزول هذا الاحتمال- فعند وجود شيء من هذه المعاني يصح الاستفهام، لا عند فقدها.

د- ومنها- أن لفظة العموم لو كانت موضوعة للاستغراق، وكذلك تأكيده، يجب أن يكون تأكيده عبثًا، فلما صح التأكيد، عرفنا أنه غير موضوع للاستغراق.

والجواب: هذه الشبهة منتقضة بتأكيد الخصوص، وتأكيد ألفاظ العدد، فإنه يقال: "جاءني زيد نفسُه" ويقال: "عشرة كاملة" و"هذا ألف تامة". وقوله: "ألف" إنباء عنه بتمامه- فيجب. تأكيده عبثًا.

<<  <   >  >>