للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الكتاب- فقوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}. وأما السنة- فقوله عليه السلام: "الإسلام يجبٌّ ما قبله" أي يقطع ويسقط. وأما الإجماع- فلأن الأمة أجمعت على ترك الأمر للكافر الذي أسلم بقضاء العبادات الفائتة حال الكفر، وإذا سقط الواجب بالإسلام، كيف يكون الإسلام شرطًا لأدائه- هذا معنى قول مشايخنا: يستحيل أن يكلف الإنسان يفعل لو أتى به لا يقبل منه، وإذا صار بحال لا يقبل يسقط عنه ولا يكلف، وبهذا فارق تكليف الجنب بالصلاة: فإنه يكلف أداء الصلاة بواسطة الغسل، وإذا اغتسل تصح منه الصلاة ولا تسقط عنه.

فإن قيل: أثر هذا الوجوب ليس في استحقاق الثواب على الفعل ليشترط إمكان أداء الفعل، بل أثره في استحقاق العقاب على من له الترك، والترك ممكن بأن لا يسلم ولا يأتي بهذه العبادات- قلنا:

[أولًا]- التكليف والإيجاب طلب تحصيل الفعل، ولا يجوز طلب تحصيل الفعل لغرض يرجع إلى ان لاي فعل ولا يتحقق في فعله غرض، بل لا يتصور ذلك.

والثاني- إن استحقاق العقاب على الترك أو على أن لا يأتي بالفعل، إنما يصح إذا كان يمكنه أن يأتي به وأن يترك، حتى يكون الأمر الذي يتعلق به استحقاق اللوم والعقاب متعلقًا باختياره، فإذا كان بحال لا يتمكن من الفعل أصلًا، لأن كون الترك وعدم الفعل باختياره، فكيف يعاقب ويلام عليه؟

وقد استدل في المسألة بحديث معاذ رضي الله عنه: أن النبي عليه السلام لمَّا بعثه إلى اليمن فقال له: "إذا أتيتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله،

<<  <   >  >>