فإن أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة"- علق فرضية الصلاة بالإسلام، والمعلق بالشرط عَدَمٌ قبل وجود الشرط، لما مر في الأبواب المتقدمة. إلا أن لقائل أني قول: الحديث لا يقتضي تعليق فرضية الصلاة بالإسلام، بل تعلق الأمر بالإعلام بفرضية الصلاة، ويجوز أن تكون الصلاة فرضًا في حقهم ولا يجب على الرسول ولا على رسوله الإعلام به قبل الإسلام، لعدم الفائدة في ذلك.
وقد استدل في المسألة بقوله عليه السلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله": أنهى إباحة القتال إلى وجود الإيمان، ولم يذكر الشرائع، ولو كان التكليف بها ثابتًا في حقهم لوجب عليهم قبولها، كما يجب قبول الإيمان، ودخل في كونه غاية للقتال. إلا أن لقائل أن يقول: إباحة القتال ليس حكم فرضية الإيمان، بل هو حكم الأمر للنبي عليه السلام بإظهاره والدعاء إليه بأبلغ الوجوه. فأما الشرائع، وإن كانت فرضًا عليهم، فالنبي عليه السلام غير مأمور بإظهارها والدعاء إليها قبل الإيمان، فإنما لم يدخل في كونه غاية للقتال لهذا.
وقد استدل في المسألة بامتناع القضاء: فإنا أجمعنا على أنه لو ترك العبادات لا يكلف بالقضاء، ولو كان فرضًا لكلف بالقضاء. إلا أن لقائل أن يقول: القضاء يجب بأمر جديد، لما عرف، فعدم ورود الأمر بالقضاء بأمر جديد لا يدل على عدم الفرضية بالدليل السابق.
وقد استدل في المسألة بأن التكليف بالفعل إنما يصح إذا كان للمكلف سبيل إلى العلم بكونه مكلفًا، [إذ] لولا ذلك لكان تكليف ما ليس في الوسع، والكافر مع إصراره على الكفر واعتقاده له، لا سبيل له إلى العلم بالتكليف