للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينصرف إلى جميع ما تقدم بالإجماع، لما ذكرنا من المعنى: أنه لم يعدل من كلام مستقل إلى كلام مستقل- فكذا هذا.

فإن قيل: إنما يرجع الشرط إلى جميع ما تقدم ذكره، لأن الشرط وإن تأخر عن الكلام، فهو في حكم المتقدم عليه، لوجوب تقدم الشرط على الجزاء، فإن الإنسان إذا قال: "أكرم بني تميم وربيعة إن دخلوا الدار" معناه. إن دخل بنو تميم وربيعة الدار فأكرمهم، ولو قال ذلك تعلق الكل بالشرط، فكذا إذا تأخر.

وكذا الاستثناء بمشيئة الله تعالى، لأن لفظة الشرط فألحق به- وليس كذلك الاستثناء: فإنه لا يجب تقديمه على الكلام- قلنا: يمكن تقديم الشرط على المذكور الأخير، فيصير كأنه قال: "أكرم بني تميم وإن دخل بنور ربيعة الدار هم فأكرمهم" فيجعل مقدماّ على الجزاء، وإن رجع إلى ما يليه، ومع هذا انصرف إلى الكل- علم أن المعنى ما ذكرنا.

وقد استدل بعضهم وقال بأن الكلامين مع حرف العطف ككلام واحد، لأن الواو للعطف وأنه في الأسماء المختلفة يجري مجرى واو الجمع في الأسماء المتفقة. ولو قال: "جاءني الزيدون إلا الطوال منهم" رجع الاستثاء إلى الكل، فكذا إذا قال: "جاءني بنو تميم وبنو ربيعة إلا الطوال منهم".

إلا أن لقائل أن يقول: إن واو العطف تجري مجرى واو الجمع في اشتراك الاسمين. أما أن يجري مجرى ذلك في أن يجعل الكلامين ككلام واحد حتى يتعلق الاستثناء بالكل، فمن أين؟ ألا ترى أن واو العطف لا تخرجهما عن كونهما جملتين حقيقة. ثم هذا ينتقض بالجملتين التامتين بأن يقول: "أكرم بني ربيعة واشرب بني بتميم إلا الطوال منهم" رجع الاستثناء إلى ما يليه وإن وجد

<<  <   >  >>