واو العطف ثم لم يجعلهما ككلام واحد. ثم الوجه في ذلك أنه يجعل ككلام واحد في حق الاستثناء: أن يذكر واو العطف ولا يعدل المتكلم عن كلام مستقل إلى كلام مستقل، أما إذا عدل فلا، لما ذكرنا.
وقد استدل بعضهم بأن قال: أجمعنا أنه لو أخر الأمر بأن قال: "بنو تميم وبنو ربيعة أكرمهم إلا الطوال منهم" رجع الاستثناء إلى الكل، فكذلك إذا قدم الأمر.
إلا أن لقائل أن يقول: قوله "أكرمهم" كتابة عن الكل، وهو اسم للفريقين، فإذا اتصل به الاستثناء أوجب إخراج البعض عن الفريقين، كما لو قال:"أكرم العرب إلا الطوال منهم": يقتضى إخراج بعض العرب، فكذا هذا- ولا يقال كذلك إذا قدم الأمر، لأن هناك الاستثناء اتصل ببني ربيعة، وهذا ليس باسم الفريقين حتى يقتضى إخراج البعض من الفريقين، فاقتصر الاستثناء على بني ربيعة.
وأما من ذهب إلى أنه يرجع إلى ما يليه في القسم الثاني فلأن الاستثناء إنما يجب تعليقه بغيره، ضرورة أنه لا يستقل بنفسه، إذا لو كان مستقلا بنفسه في الإفادة، لا يجب تعليقه بغير [هـ]، فإذا تعلق بما يليه، صار مستقلا في الإفادة مع ما يليه، فلا ضرورة إلى تعليقه بما تقدم، لأن كل كلام يستقل بنفسه لا يجوز صرفه إلى غيره.
والجواب:
ما ذكرتم يقتضى منع رجوع الاستثناء إلى ما تقدم، لكن لا يستقل.