ويجوز أن يكون الخاص متأخرا فيوجب خروج ما تناوله عن العام، وليس أحدهما أولى من الآخر، فيجب القول بالتوقف.
واحتج المخالف بأشياء:
منها- أن الفقهاء في أعصارنا يخصون أعم الخبرين أخصهما، مع فقد عملهم بالتاريخ.
ومنها- أنه لما اشتبه حال الخبرين ولا يُعرف التاريخ بينهما، يجعل كأنهما وردا معا، كالغريقين إذا لم يُعرف التاريخ في غرقهما يجعل كأنهما غرقا معا حتى لا يرث أحدهما عن الآخر- فكذا هذا. وإذا جعل كأنهما وردا معا، يجعل الخاص مخصصا للعام، لما ذكرنا.
ومنها- أن القياس مما يجوز أن يعترض به على العام، فالخبر الخاص أولى، لأنه أصل القياس.
ومنها- أنه لو لم يخص العام بالخاص لوقع أحد أمرين: إما نسخ الخاص أو إلغاؤهما، ولا يجوز النسخ مع فقد التاريخ، وإلغاء كلام الحكيم لا يجوز، فوجب تخصيص العام بالخاص.
والجواب:
أما الأول- قلنا: هذا على الإطلاق ممنوع- ألا ترى أن عمر رضي الله عنه لم يخص قوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} بحديث ابن الزبير وهو قوله: "لا تحرم الرضعة والرضعتان"