وأما الثاني- فنقول ما أجمعت على هذا، فإن من الصحابة ما ورث أحدهما عن الآخر. على أن حكم الغريقين حجة عليه، لأنه لما اشتبه حالهما لم نحكم بإرث أحدهما عن الآخر، فكذا إذا اشتبه حال الخبرين: لا يعترض بأحدهما على الآخر.
وأما الثالث- قلنا: إن كان القياس على أصل متقدم على العام، كان العام منافيًا له، فلا يجوز تخصيص العام به، نحو أن يقول النبي عليه السلام:"لا تبيعوا البُرَّ" ثم يقول: "أحللت لكم بيع جميع الأشياء": لا يجوز تخصيص العام بد ذلك القياس، حتى يقاس الأرز على الحنطة، لأنه قياس على أصل غير متقرر.
أما إذا كان القياس على أصل متقرر، نحو أن يقول النبي عليه السلام:"لا تبيعوا البر" ثم يقول: "أحللت لكم بيع ما سوى البر" جاز قياس الأرز على البر، وتخصيص العام به. وهذا لا يشبه مسألتنا، لأن أصل القياس مقرر، فأما هنا [فـ] الخبر الخاص يحتمل أن يكون منسوخا بالعام، ومع احتمال النسخ لا يجوز التخصيص به.
وأما الرابع- قلنا: كما أن النسخ محتاج إلى التاريخ، فكذلك التخصيص يحتاج إلى التاريخ، لأن تخصيص العام بالخاص المتقدم لا يجوز، لما مر.
وأما قوله: لا يجوز إلغاؤهما- قلنا: إن عنيت به ترك استعمالهما في أنفسهما والرجوع إلى غيرهما، أو إلى ما يرجح أحدهما- فلا نأبى ذلك، وإنما لا يجوز