للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قال بأن المراد من تحريم العين تحريم الفعل فيه- قلنا: هذا خلاف اللفظ، ولأن العين تقبل عدة من الأفعال، ولا يمكن حمله على الكل، وليس البعض أولى من البعض، فكان مجملًا.

إلا أنَّا نقول: اللفظ إنما يكون مجملًا إذا لم يكن له معنى معلوم، في اللغة أو في العرفز والمراد من تحريم الأعيان معلوم عرفًا، وهو تحريم الأفعال المختصة بها، فتحريم الأم تحريم الاستمتاع بها، وتحريم الميتة والدم تحريم أكلها، وتحريم الثوب تحريم لبسه، وتحريم الدار تحريم الدخول والسكنى فيها- هذا هو المفهوم عرفًا من غير سابقة بيان. ولا يمتنع أن لا يكون اللفظ للشيء في اللغة ثم يفيده من جهة العرف، كاسم الغائط: يفيد المكان المطمئن في اللغة، ثم يفيد قضاء الحاجة في العرف.

ومنها- حرف النهي الداخل على الفعل إذا لم يكن على صفة. نحو قوله عليه السلام: لا صلاة إلا بطهور -ولا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل- ولا نكاح إلا بشهود -ولا شهادة لمتهم- والأعمال بالنيات -ولا عمل إلا بالنية- ونظائر هذا كثيرة.

قال بعض المتكلمين: إنه مجمل لا يصح التعلق به، لأن ظاهره يقتضي نفي صورة هذه الأفعال حقيقة، وإنها لا تنتفي، فكان المراد نفي حكمه، وحكمه شيئان: أحدهما: الإجزاء، والثاني الكمال والفضيلة، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فكان مجملًا. ولا يقال إنه يحمل على الكل، لأنا نقول: الحكم غير مذكور لا على سبيل العموم ولا على سبيل الخصوص، فلا يمكن حمله على الكل، لأنه ليس البعض بأولى من البعض، ولأن الحمل على نفي الكمال

<<  <   >  >>