يناقض الحمل على نفي الإجزاء، لا أن في نفي الكمال إثبات أصل الأجزاء، فكان مجملًا.
إلا أنا نقول: لا إجمال في هذه الأفعال، لأن المراد بها معلوم. وبيانه- هو أن اللفظ يقتضي نفي كل صلاة بدون الطهور، ونفي كل صوم بدون النية، ونفي كل نكاح بدون الشهود، ونفي كل شهادة صدرت عن المتهم، ونفي كل عمل لمن لم يقترن به النية -لأنها نكرة في محل النفي- إلا أن الحاصل من هذه الأفعال نوعان: نوع هو مشروع أي موصوف بالاعتبار الشرعي المقتضي لحكمه، ونوع هو غير مشروع أي غير معتبر في اقتضاء الحكم. إلا أن النوع الثاني غير مراد بالإجماع فصار النوع الأول مرادًا. فكان هذا من باب التخصيص، لا من باب الإجمال. ففي باب الصلاة والطهور: الصلاة الفاسدة غير مرادة، فتعينت الصلاة الجائزة. وفي الصوم والنية من الليل: الصوم الذي لا كمال له ولا فضيلة غير مراد، فتعين الموصوف بوصف الكمال. وفي النكاح: النكاح الفاسد غير مراد، فيتعين الصحيح. وفي الشهادة: الشهادة التي لا اعتبار لها ولا أثر لها في وجوب القضاء ليسـ[ـت] بمراد، فتعين النوع الآخر مرادًا. وفي العمل مع النية: العمل العاري عن اعتباره في اقتضاء الأجر والثواب غير مراد، فتعين النوع الآخر مرادًا. وفي العمل مع النية: العمل الحسي العاري عن اعتباره في اقتضاء الثواب والأجر غير مراد، فتعين النوع الآخر.
ويمكن التعلق بهذا الوجه في قوله عليه السلام:"لا ضرر ولا ضرار في الإسلام"- إن الضرر نوعان: نوع هو حرام، ونوع ليس بحرام.