للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالنوع الأول ليس بمراد فيتعين النوع الآخر، فكان نفيًا لكل ضرر مباح، وكان تحريمًا لكل ضرر حرام.

ومنها- قوله تعالى: {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}: زعم بعض الناس أنه مجمل، وبيان الإجمال فيه من وجهين: أحدهما -أن قطع اليد يحتمل القطع من المنكب، ويحتمل القطع من المرفق، ويحتمل القطع من الكف، فكان مجملًا. والثاني- أن القطع يُذكر ويُراد به الإبانة. ويُذكر ويُراد به اتصال القطع به، كما يقال: "بريت القلم فقطعت يدي" وإن لم ينفصل، وإنما يعرف الإبانة إذا قيد بالقطع من الجملة. وكما يقال: قطعت يد فلان من الجملة، وقطعت الغصن من الشجرة.

إلا أنا نقول: لا إجمال فيه، لأن قطع اليد يتناول القطع من المنكب، بدليل أنه لو قطع من الكف لا يقال: قطع يد فلان كله. ويصح أني قال: قطع بعضها. واسم اليد تتناول الكل إلا إذا اريد به البعض بدليل، فيصير مجملًا قبل البيان. وأما الثاني- قلنا: القطع عبارة عن الإبانة، فعند الإطلاق يتناول ما يسمى إبانة اليد، والشق الحاصل في الجلد ليس بإبانة اليد حقيقة. وبهذا تبين أن فيما ذكر من المقال مجاز، وذكر القطع بقولنا: "يبري القلم" قرينة المجاز، لأن العادة لم تجر بقطع كل اليد عند ذلك.

والله أعلم.

<<  <   >  >>