تأخير البيان. و [كـ] ذلك تجويز [كون] المكلف أنه يموت أو يعجز، بمنزلة الإشعار، ولا كلام فيه، إنما الكلام في غيره.
والثاني- إن جاز تأخير بيان النسخ مطلقًا، فإنما يجوز لأنه لا يخل بالعلم بمراد المخاطب به ولا يؤدي إلى الإغراء بالجهل. أما هنا [فـ] يؤدي إلى ذلك، لما مرَّ.
فإن قيل: تأخير بيان النسخ يؤدي إلى الإغراء بالجهل أيضًا، لأن المخاطب يعتقد دوام الحكم- قلنا: لا يجوز له هذا الاعتقاد، لأن اللفظ لا يقتضي الدوام، وجواز النسخ ثابت، فوجب أن يعتقد لزوم الحكم إلى أن يرد النسخ، فلا يؤدي إلى ما ذكرنا.
وأما ما استدلوا به من جهة السمع:
١ - فمنه- قوله تعالى: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ (١٧) فَإذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} وكلمة "ثم" للتراخي- أخبر أن البيان يجب أن يكون متراخيًا عن الإنزال، لأن قوله:{فَإذَا قَرَأْنَاهُ} أي أنزلناه، لأنه أمر بالاتباع عقيب ذلك، والاتباع يعقب الإنزال دون الجمع.