أما الأول- قلنا إنما يحتاج إلى البيان لما ذكروه، ويحتاج إليه أيضًا لخروج الخطاب عن كونه عبثًا وإغراء بالجهل على ما مرَّ. ويبين ذلك أن البيان لو لم يفتقر إليه إلا لما ذكروه، لجاز أن يخاطبنا الله تعالى بما لا نفهمه أصلًا، كخطاب الزنج بلغة العرب.
وأما الثاني- قلنا: إنما منعنا تأخير البيان عن مدة يخرج الفعل فيها عن كونه مترقبًا يرجو السامع إلحاق الزيادة به ويقيده بالصفة. أما دون ذلك، فلا- لأن هذا القدر من المدة جرت العادة به، فلا يؤدي إلى ما ذكرنا. ولهذا جاز أن يخاطبنا الله تعالى بخطاب لا نفهمه ثم يبينه في تلك الحالة، فلا يجب من جهة القياس: إذا جاز في مدة قصيرة أن يجوز في مدة طويلة.
وأما جواز العطف وإلحاق البيان به- قلنا: لا تأخير ثمة، لأن الجملة إذا عطف بعضها على بعض، صار الكل ككلمة واحدة، والبيان ملحق بالكل.
وأما البيان بخطاب طويل، فإنما يجوز إذا كان فيه مصلحة. فأما إذا لم يكن، فلا يجوز.
وأما الثالث- فالجواب عنه من وجهين:
أحدهما- أن تأخير بيان النسخ إنما يجوز مع الإشعار [النسخ]. نحو أن يقول: اعلموا أن هذا الحكم يرتفع ولا يدوم. ومع الإشعار يجوز