[أولًا]- لا نسلم أن الإنزال ليس ببيان، بل هو نوع بيان وإظهار- على ما مرَّ.
والثاني- إن كان في حمله على الإنزال ترك الحقيقة، ولكن في حمله على ما ذكرتم ترك العمل بظاهر الكناية، فلستم- بأن تتمسكوا بظاهر اسم البيان وتعدلوا على ظاهر الكناية- بأولى من أن نتمسك بظاهر الكناية ونعدل عن ظاهر اسم البيان.
وقوله- بأن كلمة "ثم" للتراخي، قلنا: فائدة قوله تعالى: {ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} متأخرة عن فائدة قوله: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ} وتقدير الآية والله أعلم: إن علينا جمعه وقرآنه في اللوح المحفوظ. ثم علينا إنزاله. فإذا أنزلناه فاتبع إنزاله- وإنما جعلنا هكذا عملًا بظاهر الكناية.
وأما الثاني- قلنا: البيان كان حاضرًا عند القوم، إلا أنهم لم يتنبهوا لعنادهم، فإن الله تعالى قال:{إنَّكُمْ ومَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} وكلمة "ما" لا تتناول العقلاء، فلا تتناول المسيح عليه السلام.
وأما الثالث- قلنا: يحتمل أن موسى عليه السلام أشعرهم بذلك [و] لولاه لما خفى عليهم أنها مطلقة. أو يحتمل أنه بين إلا أنهم لم يتبينوا.
وأما الرابع- قلنا: البيان كان مقرونًا بالخطاب، فإنه قال: {إنَّ أَهْلَهَا