أحدها- أن المكلف لا يميز بين المأمور به والمنهي عنه، ولا يعقل بينهما مغايرة، فالتكليف بأحدهما بعينه والنهي عن أحدهما بعينه، والحالة هذه، تكليف ما ليس في الوسع.
والثاني- إن كان بينهما مغايرة، فينبغي أن يبقى المأمور به واجبًا بعد ورود النهي عنه، فلا يكون ناسخًا له- وهذه ليست مسألتنا.
والثالث- إن تغايرا لكن يستحيل أن يكون الفعل مصلحة في وقت، ومثله من كل وجه مفسدة- كالرفق بالصبي: لا يجوز أن يكون مصلحة ومفسدة في حالة واحدة.
فإن قيل: ما أنكرتم أن الأمر والنهي تعلقًا بفعلين مختلفين: فالأمر تناول العزم على الصلاة واعتقاد وجوبه، والنهي تناول عين الصلاة، والمقصود من الأمر هو الاعتقاد والامتثال به فحسب- قلنا: أنكرناه لوجهين:
أحدهما- أن اسم الصلاة لا يفيد العزم والاعتقاد في اللغة ولا في الشريعة، فلا يجوز استعماله فيهما إلا ببيان مقارن، على ما مر من قبل.
والثاني- أنه لا يحسن إيجاب العزم على الفعل واعتقاد وجوبه، والمعزوم ليس بواجب، بل هو منهي.
فإن قيل: يحسن اعتقاد ما ليس بواجب، والعزم عليه بشرط أن يكون واجبًا- قلنا: هذا لا يتعلق بالأمر، وليس حكمه، بل كل مسلم يجب عليه العزم على ما يوجب عليه الشرع، والكلام في نسخ حكم الأمر هنا.