للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أ) - أما الكلام في المعني:

فبأن يقال: هل الزيادة على النص تفيد معنى النسخ؟ .

فنقول: إنه يفيده، لأن معنى النسخ هو الإزالة، وكل زياد تزيل حكماً عن المزيد عليه، وهو كونه معتداً به على وجه لا يجب استئنافه، كما في زيادة ركعة في ركعتي الفجر. أو كونه كل الحكم ومجزئاً وحده، على مثال زيادة التغريب في حد الزنا، وزيادة عشرين جلدة على ثمانين في حد القذف، فيتحقق معنى النسخ.

فإن قيل: إيجاب زيادة التغريب على الجلد، وزيادة عشرين على ثمانين في حد القذف، لا تغير حكم المزيد عليه ولا أزالت عنه حمكاً شرعياً من وجوب أو جواز، فإن الجلد يبقى على ما كان عليه من وجوب أو جواز، إلا أنه ارتفع نفى وجوب التغريب، وهذا ليس بحكم شرعي، لأن إيجاب الجلد لا يتعرض لما عداه، لا بنفي ولا إثبات، بل هو معدوم بالبقاء على حكم العقل، لأن الأصل عدم الوجوب، لوم ينقل عنه بدليل، فبقي على ما كان. وإذا لم يكن انتفاء غيره حكماً شرعياً لم تكن إزالته نسخاً - قلنا: لا، بل هو مغير لحكم المزيد عليه ويزيل حكم الثابت بالشرع، لأن الجلد قبل زيادة التغريب كان كمال الحد وكان مجزئاً وحده، وبعد الزيادة لم يبق كمال الحد مجزئاً وحده، وهذا حكم شرعي، لأن كل الحد أو بعضه وكونه مجزئاً وحده، فالزيادة عليه تكون نسخاً - فكذا هذا. وكذلك الزيادة على ثمانين جلدة في حد القذف لما ذكرنا - دل عليه أنه تعلق بالثمانين رد الشهادة، وبعد الزيادة لم يبق رد الشهادة متعلقاً به، فيكون نسخاً.

<<  <   >  >>