فإن قيل: قول القائل: ((محمد ومسيلمة صادقان)) فهذا خبر، وليس بصدق ولا كذب. والجواب عنه من وجوه:
أحدها - أن هذين خبران في الحقيقة لتعدد المخبر به: أحدهما صدق، والآخر كذب.
والثاني - أن مرادنا بما ذكرنا أنه يصح أن يقال للمتكلم به:((صدقت - أو - كذبت)) من حيث اللغة - وهذا هو صورة هذا الخبر، فكان داخلاً تحت الحد.
والثالث - أن هذا الخبر كذب، لأنه يفيد إضافة الصدق إليهما، والصدق غير مضاف إليهما بل إلى أحدهما - ألا ترى أنه إذا قال قائل:((جميع الناس سود))، كان ذلك كذباً، لما ذكرنا: أنه يفيد حصول السواد في الكل، وإنه غير حاصل في الكل، فالخبر المقيد حصوله في الكل يكون كذباً.
فإن قيل: أنتم إذا حددتم الخبر بما يدخله الصدق والكذب، وحددتم الصدق والكذب بما هو الخبر عن الشيء على ما هو به، والخبر عن الشيء على خلاف ما هو به، فقد حددتم المجهول بالمجهول، وإنه باطل، لأن الغرض من التحديد هو التعريف - قلنا: مرادنا بذلك أنه إذا قيل للمتكلم به ((صدقت)) أو ((كذبت)) لا يخطئه أهل اللغة، وهذا المعنى لا يتوقف على معرفة الصدق والكذب، بل يرجع إلى ما تعارفه أهل اللغة من الصيغة.