وقالوا بأن الأمة بأجمعها اعتقدت وجوب العمل بخبر الواحد، فلا يمتنع أن يروى لهم خبر كامل، فيه شرائط العمل، فعمل به، لأن العمل تابع للاعتقاد - ألا ترى أنها لما اعتقدت وجوب العمل بالاجتهاد، جاز أن يعمل على موجب الاجتهاد.
فإن قيل: لما اجتمعت على وجوب الاجتهاد، قطعنا على الاجتهاد - فكذلك إذا أجمعت على موجب الخبر، يجب أن يقطع عليه - قلنا: إن أردتم بهذا أن الأمارة قبل الإجماع مقطوع على حكمها، فهذا باطل، لأنه حينئذ تصير الأمارة دلالة، والأمارة لا تكون دلالة. وإن أردتم به أن الأمارة، بعد الإجماع، مقطوع على تعلق الحكم بها، فهذا ما ليس [له] معنى سوى أن حكم الأمارة ثابت مقطوع به لا يجوز خلافه - وهكذا نقول فيما إذا أجمعوا على موجب الخبر: صار حكم الخبر مقطوعاً به لا يجوز خلافه.
وأما من قال: يقطع على ثبوته، وعلى أن النبي عليه السلام قد قال ذلك -[ف] احتجزا بأن العادة من الاجتهاد أنها لا تجتمع على خبر إلا وقد قامت الحجة به، وما لم تقم الحجة به ما أجمعوا على موجبه - ألا ترى أن خبر عائشة رضى الله عنها عن النبي عليه السلام ((أنه كان يطيب لإحرامه قبل أن يحرم)) - لما لم تقم