للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد فعله لتصديق موسى عليه السلام، ونحن لا نشك في ذلك في زماننا، ولا نخاف من أخذ العصا ثقة العادات- كذا هذا.

* * *

ولا يشترط في التواتر عدد معين. وبعضهم قطعوا على أنه لا يقع التواتر بخبر أربعة، لتكليف الشرع القاضي بالسؤال عنحالهم إذا شاهدوا بالزنا. وتوقفوا في الخمسة، وهو الحكم، إذ لا معنى يوجب التوقف وعدم العلم بخبر الأربعة والخمسة إلا وهو قائم في خبر الستة والعشرة وكل عدد معين. وإنما المعتبر جماعة يعلم استحالة تواطؤهم وتواقفهم على الكذب.

فإن قيل: كيف نعلم حصول العلم يخبر عدد، ونحن لا نعلم العدد الذي يحصل العلم بخبرهم- قلنا: كما نعلم أن الخبز مشبع والماء مرو والخمر مسكرة، وإن كنا لا نعلم أقل مقدار يحصل له منه ذلك. ونعلم أن القرائن تفيد العلم بالأحوال، وإن لم نقدر على حصر أجناسها.

وبعضهم شرطوا أن يكون المخبرون عشرين. وهذا باطل أيضاً، لأنه دليل عليه. ولأن الأظهر أنه لا يمكن تحقيق شروط الاستدلال في العشرين. واحتجوا في ذلك بقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}: أوجب الجهاد على عشرين. وفائدة تخصيصهم أن يخبروا المشركين شرع محمد صلى الله عليه وسلم فيحصل لهم العلم- والجواب: أن في الآية إيجاب الجهاد على عشرين، لا نفيه عما نقص عنه، فإن الأمة مجمعة على وجوب الجهاد على عشرين لكن لا يمتنع أن تخصيصهم بذلك لوجوه من وجوه المصلحة التي علم الله تعالى، لا لوقوع العلم بخبرهم.

<<  <   >  >>