للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل له: لا نسلم أن العلة ما ذكرتم، وما أنكرتم على قائل يقول إن العلة الواقع ثمة إن كان ضرورياً، فهو من فعل الله تعالى، فما يؤمنكم أن الله تعالى اختار فعله عند كل خبر متواتر لاقتضاء المصلحة لذلك، ولم تقتض المصلحة فعله عند كل خبر واحد، وإن كان مكتسباً، فشروط الاستدلال به تتساوى فيه الأخبار المتواترة دون الآحاد.

فإن قالوا بأن العادة مستمرة بأن ما اقتضى وقوع العلم بالخبر المتواتر، اقتضى وقوعه بكل خبر متواتر، ولو كان في الآحاد ما يفيد العلم لأفاده كل خبر، استدلالاً بالعادة- قيل لهم: ولم يجب إذا استمرت العادة في الخبر المتواتر أن تستمر في أخبار الآحاد؟

والوجه الصحيح في ذلك أن نقول لهم: أتزعمون أن خبر كل مخبر يوجب العلم أم بعض منها؟ :

فإن قالوا: كل خبر واحد- فذلك ظاهر البطلان، لأن كثيراً من الناس من يخبرنا بما لا نظنه فضلا من أن نعلمه.

وإن قالوا: بعض منها- فنقول لهم: عرفتم ذلك اضطراراً أو استدلالاً؟ :

فإن قالوا: اضطراراً، فباطل، لاختلاف حال العقلاء فيه. ولأن مجرد الخبر لا يوقفنا على المخبر به من غير أن يلاحظ أموراً كثيرة فيه، وما وقف حصوله على ملاحظة أمور كان مستدلاً عليه لا محالة.

وإن قالوا: بالاستدلال باقتران قرائن، ومثال القرائن نحو: ما إذا أخبر إنسان بموت زيد وبسمع الصراخ من داره وترى الجنازة على بابه ويعلم أنه ليس في الدار

<<  <   >  >>