للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مريض سواه. أو كان رجلاً شديد التحفظ عن الكذب نافرا عنه فيخبر بخبر يعلم صدقه استدلالا بظاهر حاله من تجنب الكذب. أو كان رجلا مهتما بأمر مشتغلا به فيسأل عن غيره فأجابه من غير تفكر، فإنه يعلم أنه لم يتعمد الكذب لداع. أو كان المخبر رسولا من جهة السلطان يخبر الجيش بأنه أمرهم بالخروج إليه [و] علمنا أنه لم يتعمد الكذب، لأن عقوبة السلطان مانعة من الكذب عليه- قلنا: ليس لهم فيما ذكروه من القرائن ما يقتضى العلم، لأنه: يجوز أن يكون غرض أهله من الصراخ وإحضار الجنازة إيهام السلطان موته ليسلم منه. ويجوز أن أغمى عليه فظنوا موته. ويجوز أن يكون غيره مات ممن في الدار فجاءة. وقد يكون الرجل شديد التحفظ عن الكذب في الظاهر دون الباطل، وقد يعدل عنه في بعض الأشياء دون البعض، وقد يكون الرجل مهتما بما سئل عنه مشتغلا به فيظهر من نفسه أنه مشتغل بغيره، وإذا سئل عنه أظهر من نفسه أنه نبه عليه وكان ساهيا قبل ذلك، ليعلم أنه لم يتعمد الكذب، أو لأن اشتغاله بغير ذلك وشدة اهتمامه يمنعه عن التأمل في المسئول عنه، فأخبر جزافا عن غفلة، فوقع كذبا لا على التعمد. وقد يرغب رسول السلطان بمال جزيل ليخبر الجيش أنه يأمرهم بالخروج إليه، وقد يأمره السلطان بالكذب عليه استهزاء واختبارا لطاعته- وإذا احتمل هذه الوجوه، لم يكن موجبا للعلم، لأن العلم لا يحصل مع جواز الكذب.

<<  <   >  >>