بخبر الواحد. وإن جعلتموه شرطا في جواز كونه مصلحة، لزمكم أن تحكموا بجواز كون الفعل مصلحة إذا ظننا كذب الراوي أو ااشتهينا فعله أو اخترناه لأن هذه حالة من حالاتنا- قلنا: بعضهم قالوا: يجوز أن يكون الفعل مصلحة عند هذه الحالة، كما يجوز أن يكون مصلحة عند ظننا صدق الراوي- إلا أنا نجيب بجواب آخر، وهو أنا إنما جوزنا أن يكون الفعل مصلحة إذا فعلناه ونحن على هذه الحالة، لأنها من جملة الأحوال التي شهد العقل بجواز كون الفعل مصلحة عندها بما ذكرنا من التصرف في الأسفار والعمل بالبينات. وكما أن العقل يشهد بجواز كون الفعل مصلحة عند هذه الأحوال، [فإنه] يشهد بأنه لا يجوز أن يكون الفعل مصلحة عند ظننا كذب الراوي، أو اشتهينا فعله أو اخترناه- مثاله: المسافر إذا خاف على نفسه سلوك طريق فإخبره من يثق بقوله بسلامة بعض الطريق، لزمه العمل بما ظنه صلاحا دون ما ظنه فسادا. ولو أخبره من يغلب على ظنه كذب، لا يباح له سلوك ذلك الطريق. وكذلك عند الخوف واشتباه حال الطريق. ولا يجوز له أن يعمل بما يشتهيه ويختاره- فبأن أن العقل فصل في الحالين.
وأما الثاني- قلنا: قد ذكرنا أن العقل إنما يجوز أن يكون مصلحة إذا غلب على ظننا صدق الراوي، وهذا لا يمتنع فيما إذا أخبر أنه شاهد النبي عليه السلام وسمع كلامه، لأن ذلك كثير جرت به العادة. وأما سماع كلام الله تعالى بغير واسعله [ف] لم تجر العادة به، وما يحصل في النبوة من الرئاسة العظيمة