للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبيان أن العلة في الأصل هدا: أن الحكم يوجد بوجوده وينعدم بعدمه، فإنا إذا علمنا وجوب التحرز عن المضار، وظننا أن في هذا الفعل مضرة، بخبر الواحد إذا ظننا صدقه، ولا يمكننا الوقوف على ذلك- حصل لنا العلم بوجوب التحرز، إذا أزلنا عن أنفسنا اعتقاد ما سوى ذلك، وإذا لم نعلم وجوب التحرز، أو علمنا ذلك ولكن لا نظن صدق الراوي، لا يحصل لنا العلم بوجوب التحرز. وكذلك إذا ظننا صدقه، لكن لنا طريق إلى معرفة ذلك قطعا، لا يجب التحرز- ثبت أن العلة في الأصل هذا، وإنها موجودة في المتنازع فيه.

فإن قيل: قياسكم قبول خبر الواحد في الشرعيات على قبوله في العقليات لا يستقيم، لأن بينهما مفارقة مع وجوه:

أحدها- أن الخبر في العقليات إنما ورد بما نعلم جملته بالعقل، وفي الشرعيات إنما يرد بما نعلم جملته بالشرع.

وثانيها- أن في الشرعيات أمكن يفضى إلى العلم بها، وهو الكتاب والسنة المتواترة وإجماع الأمة، أو البقاء على حكم العقل، فلا يجوز الاقتصار على الظن. ولا كذلك العقليات، لأن هناك تعذر طريق يفضى إلى العلم بها، فجاز الاقتصار على الظن.

وثالثها- أن الشرعيات تبتنى على المصالح، فجواز كذب المخبر يدل على كون ماتضمنه الخبر مفسدة. وذلك مانع من قبول الخبر، إلا إذا ورد التعبد به شرعا. ولا كذلك العقليات، لأنه لا يمكن أن يرد التعبد به شرعا، فاقتصرنا على الظن.

قلنا:

أما الأول- قلنا: وجوب الانقياد للنبي عليه السلام فيما دعانا إليه، والتحرز عن ضرر مخالفته معلوم بالعقل والشرع. كما أن وجوب التحرز عن المضار

<<  <   >  >>