أما الأول- فهو باطل، لأن أحدا من الأمة في عصر النبي عليه السلام ولا من بعده لم يوجب على أهل القرى ولا على أكثرها، الخروج من الأوطان، لاشتباه الخبر في الآفاق، ولأن هذا يؤدي إلى أنهم لا يستقرون في أوطانهم قبل استقرار السنن وانتشارها، فكلما سمعوا حديثا خرجوا عن أوطانهم في الآفاق لفحصها، وفيه من الفساد ما لا يخفى.
وأما الثاني- قلنا: لا يجوز أن يكون المراد منه أن ينذر مجموع الطوائف كل فرقه، لأن مجموع الطوائف، لا يكون عند كل فرقة، لتكون راجعة إليها.
وكان مقتضى الآية أن كل طائفة تنذر قومها، وهذا إنما يتم في كل طائفة مع فرقتها.
وأما الثالث- قلنا: ليس من منع قبول خبر الواحد، منع العامي الأخذ بالفتوى. فهذه الشبهة غير لازمة والآية حجة. ثم نقول: التفقه قد يكون بسماع الأخبار وتدبرها. وهكذا التفقه في الزمن الأول، والله تعالى لم يفصل بين الإنذارين، فيحمل عليهما. كقول القائل:"فلنضربهم": هذا شائع في الضرب بكل خشبة على أي صفة كانت من اللين والشدة، لأن الله تعالى لم يفصل بين ما إذا كان في القوم مجتهد وبين ما إذا لم يكن، فالإنذار بالفتوى