إنما يلزم قبوله غير المجتهد، فيجب أن يصرف إلى إنذار يشترك فيه المجتهد وغير المجتهد، وليس ذلك إلى الإنذار بالخبر.
فإن قيل: قوله تعالى: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} يدل على أنه ليس في القوم مجتهد، إذا لو كان فيهم مجتهد، لم يجب على بعضهم أن ينفر للتفقه- قلنا: حصول المجتهد في القوم لا يغنى من أن ينفر طائفة للتفقه وسماع الأحاديث التي لم تبلغهم، خصوصاً في عصر النبي عليه السلام، والأعصار المتقاربة منه قبل استقرار السنن، فإن الأخبار تحدث في زمان النبي عليه السلام حالا فحالا ومنها الناسخ والمنسوخ.
وأما الرابع- قلنا: التفقه إذا أطلق يفهم منه التفقه في الفروع، فيحمل كلام الله تعالى عليه، إذ هو المتفاهم.
وأما الخامس- قلنا: في الآية بيان أن الإنذار لأجل القبول والعمل به، فإنه قال:{وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} أي لكي يحذروا، والأمر بالإنذار للقبول، إيجاب القبول. على أنا لا نستدل بوجوب الإنذار على وجوب الحذر وإنما نستدل بقوله:{لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} فإن هذا يجري مجرى الأمر بالحذر بالإنذار.