"احكموا لشهوتي" فحكموا بأمر ذكروه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يحسن من جهة الدين أن لا يثبتوا ذلك الأمر الذي سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم وحكموا لأجله.
وحيث لم ينقل، عرفنا أنهم إنما عملوا على موجب هذه الأخبار لأجلها، ولأنه يبعد من الجماعات العظيمة أن يتفق لهم ذكر شيء من النبي صلى الله عليه وسلم أو حدوث اجتهاد في حالة السماع، وإن جاز ذلك في الواحد. والدليل عليه أن أبا بكر رضي الله عنه لما طلب من المغيرة شاهداً آخر ما كان يعلم أنه سيحدث لهم رأي، أو يذكر شيئاً من النبي عليه السلام بخبر شاهد آخر، إلا أنه طلب ذلك للتأكيد وزيادة الظن بثبوت الحديث. وأما رد عمر رضي الله عنه حديث فاطمة بنت قيس إنما كان لأنه ورد معارضاً لكتاب الله تعالى إما بالنسخ أو بالتخصيص، وكثير من قال: خبر الواحد لا نقبله في تخصيص الكتاب.
ولأن قوله:"لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا" يدل على ترك الكتاب أصلاً وذلك النسخ، ولأن قوله:"ما ندري أصدقت أم كذبت" يدل على أنه اعتقد فيما أنها غير ضابطة. وأما علي رضي الله عنه إنما رد الخبر لأمر يختص بالراوي، وهو كونه جاهلاً.
فإن قيل: أليس أنهم قبلوا خبر الواحد لنسخ حكم معلوم، فإن أهل قباء قبلوا خبر الواحد لنسخ توجه القبلة إلى بيت المقدس، ولا يجوز أن يستدل به لإثبات النسخ- كذا هذا- قلنا: عنه جوابان: