وأما جهل الرواي بمعنى ما ينقله، كالعجمي يروى الحديث ولا يعلم معناه، فإن ذلك لا يوجب رد خبرة، لأنه لا يمنع من حفظه- ألا ترى أنه يمكن للعجمي حفظ القرآن، وإن لم يعرف معناه. وكذلك الصحابة قبلوا أخبار الأعراب وإن كانوا لا يعرفون كثيراً من معاني الكلام الذي يحتاج فيه إلى أنواع استدلال، ولأن بدون العلم يحفظه. وإذا ثبت الحفظ وقوى الظن بصدقه، يقبل- لما مر.
وأما رواية الصبي إذا سمعه وهو صبي، ورواه وهو صبي، فإنه يقبل، لأن الصحابة رضي الله عنهم قبلوا رواية ابن عباس رضي الله عنهما ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو صبي، لما كان وراه وهو بالغ، ولأنه لا خلل في حفظه وتحرجه، فتقبل.
وأما رواية الأعمى والمرأة والعبد- فإنها تقبل، لأن الظن يقوى بصحتها، ولم يرد الشرع بالمنع من قبولها، بل ورد الشرع بقولها. فإن الصحابة رضي الله عنهم قبلوا رواية ابن عباس رضي الله عنه وكان ضريراً، وقبلوا رواية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ورواية العبيد من الصحابة.
وأما رواية من لم يكاثر أهل العلم، ولا أطال مجالسة أهل النقل، فهي مقبولة، لأن كل خصلة لم تقدح في ظننا صدق الرواية، لا تمنع من قبولها: وكونه غير مجالس لأهل العلم لا يقدح في ذلك.