للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: قد يكون قضية العقل الوجوب، وأحد الخبرين مبيح والآخر حاظر، فلا يكون أحدهما بأن يجعل ناقلاً أولى من الآخر- قلنا: ليس كذلك، لأن الخبر الحاظر هو الناقل عن قضية العقل الذي هو الوجوب، لأن المبيح لا يقتضى إلا مجرد الحسن، وإنه لا ينافى الوجوب. وأما الحاظر فإنه ينافى الوجوب- هذا هو تقرير هذا الوجه، إلا أنا نتكلم مع هذا: إن الحظر هل هو وجه مرجح كما أن كونه ناقلاً وجه مرجح- فنقول: الدلالة على ذلك أن العمل على الحاظر أحوط، لأن الفعل إن كان محظوراً فقد تجنبه المكلف، وإن كان مباحاً لم يضره تركه. ولا كذلك إذا استباحه وفعله، لأنه يحتمل أنه محظور، فيلزمه بفعله ضرر.

فإن قيل: في حمله على الحظر ضرر، لأنه ربما يكون مباحاً، فإذا اعتقده محظوراً كان مقدماً على اعتقاد هو جهل وقبيح- قلنا: إذا كان الفعل محظوراً كان بحمله على الإباحة مقدماً على قبيحين: أحدهما فعله، والآخر اعتقاده. وإن كان مباحاً يكون تركه قبيحاً وكان مقدماً على قبيح واحد، وكان التجنب عنه أولى. وإذا ثبت أن تجنب الفعل أولى من الإقدام عليه، وهو الذي تعارض فيه الخبران قطعاً، دل على أن اعتقاد تجنبه وحظره ليس بجهل ولا قبيح.

وأما من قال بالتساقط- قال: بأنا علمنا تقدم أحد الخبرين على الآخر، ولم نعلم أيهما المتقدم، جاز كون كل واحد منهما هو المتأخر الذي يجب العمل به بدلاً عن صاحبه، ولا يمكن استعمالهما لتنافى حكميهما، ولا يجوز

<<  <   >  >>