للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يكون أمرًا. ولو كان طالبًا للفعل وغرضه أن يفعل يكون أمرًا لهذا المعنى.

فإن قيل: لم قلتم بأن كلام النائم والساهي إنما لم يكن أمرًا لانعدام الطلب حتى يشترط وجوده لكونه أمرًا، بل إنما لم يكن أمرًا، لأن المتكلم ما أراد كونه أمرًا، حتى لو أراد كونه أمرًا كان أمرًا، كما نقوله في الخبر: فإنه خبر لإرادة كونه خبرًا- قلنا: لا شك أن نفس هذه الصيغة لا تكفي في كونه أمرًا، لأن نفس الصيغة موجودة في قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} وفي قوله تعالى: {واسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم} وليس بأمر، فعُلم أنه لا بد من أمر زائد على الصيغة.

وإذا ثبت هذا نقول:

لا خلاف بين أهل اللغة أن الأمر طلب الفعل، فإذا وُجدت الصيغة على وجه الطلب والاستدعاء وُجد الأمر، وإذا انتفى الطلب بدلالة، لم يوجد حقيقة الأمر. فعُلم أن الصيغة إنما تصير أمرًا لمطابقتهـ[ـا] طلب القائل لها الفعل، من المقول له، وإنما ينتفي كونه أمرًا لانتفاء هذه المطابقة.

قوله: إن الصيغة إنما تكون أمرًا إذا أراد كونها أمرًا- قلنا: نحن في البحث عن ماهية الأمر- أن الأمر ما هو؟ فلا بد وأن نعقل معنى كون الكلام أمرًا، ليصح تعلق الإرادة به، بخلاف الخبر. لأن معنى كون الكلام خبرًا معقول، وهو كونه إعلامًا، فإرادة كون الكلام خبرًا عن كون زيد في الدار، إرادة كونه إعلامًا بكون الزيد في الدار، فأما ههنا: إذا لم نعقل كون الكلام أمرًا، [فـ] كيف نعقل تعلق الإرادة به؟

<<  <   >  >>