السواد الأعظم هو جميع أهل العصر، لأنه ليس وراءه سواد أعظم منه- دل عليه: أنه لو لم يكن كذلك، لدخل تحت النص أحد النصفين إذا زاد على النصف الآخر، بواحد أو اثنين. ولما لم يدخل علم أن المراد هو إجماع كل أهل العصر.
وكذا" اسم الجماعة": المراد منه جميع الأمة - دل عليه: أنه لو لم يكن كذلك كان متناولاً للثلاثة والأربعة، وقول الثلاثة والأربعة ليس بحجة، فعلم أن المراد كل الأمة.
فإن قيل: قوله عليه السلام: " عليكم بالسواد الأعظم، أو بالجماعة" يقتضي أن يكون قولهم حجة على غيرهم من المجتهدين. وهذا يقتضي أن لا يجمع مع أهل العصر واحد أو اثنان، حتى يكون قولهم حجة- قلنا: ليس كذلك، لأن قولهم يكون حجة على من يأتي بعدهم ممن هو أقل عدداً منهم، أو يكون إجماعهم حجة على آحادهم حتى يمنعهم الرجوع عما قالوه.
وأما الثاني- قلنا: إن كان يتناول النص بناء على ظاهر الإيمان، فقد وجد في حق الكل. وإن كان بناء على حقيقة الإيمان، فلا يمكن القول بإيمان كل واحد من الجماعة قطعاً على التعيين، كما لا يمكن القطع بإيمان الواحد أو الاثنين إلا أنا نقطع أن في جملتهم مؤمن قطعاً، وربما يكون ذلك هذا الواحد، أو هذان المختلفان.
وأما الثالث- قلنا: إن الله تعالى لما جعل الإجماع حجة وكلفنا العمل به، وذلك يقتضي أن يكون لنا إلى معرفته سبيل، وذلك بأن يكون بحال لو كان لهم مخالف يظهر قوله [فإنه] يجرى ذلك مجرى أن ضمن الله تعالى إظهار قول من يخالف لو كان صواباً. فلما لم يظهر ذلك، دل ذلك على بطلانه. على [أن]