وذهب بعضهم إلى أنها تفيد حسن المأمور به، ونتوقف في مله على الوجوب والندب والإباحة على قيام الدليل.
وذهب جماعة من المتكلمين إلى أنها تفيد إرادة المأمور فقط، وجرى قوله:"افعل" مجرى قوله: "أريد منك أن تفعل".
- واستدلوا على صحة مذهبهم- فقالوا:
إن أهل اللغة لم يفصلوا بين السؤال والأمر إلا من حيث الرتبة، فقالوا: السؤال قول القائل لمن فوقه "افعل"، والأمر [قوله] لمن دونه "افعل". ولو كان بينهما فصل من حيث الإيجاب لفصلوا بينهما بالذكر، كما فصلوا بينهما بالرتبة. ثم السؤال لما لم يقتض الإيجاب، فكذا الأمر.
وقالوا: أيضًا: إن الأمر ضد النهي، ثم النهي يقتضي كراهة المنهي عنه، فالأمر وجب أن يقتضي إرادة المأمور تحقيقًا للمضادة.
- وأما من حمل على الإباحة-[فـ] قال: إن هذه الصيغة وُضعت في الأصل لإزالة الحظر ورفع الحرج، فيُحمل عليه، لأنه متيقن، ولا يحمل على ما وراء ذلك إلا بدليل.
- ومن حمله على الندب- قال: إن هذه الصيغة وُضعت للطلب، ثم الطلب على مرتبتين: قد يكون إيجابًا وقد يكون ندبًا، فيُمل على أدنى مرتبتيه، لأنه متيقن.
- ومن حمله على حسن المأمور به وتوقف في قضاياه الأُخر- قال: إن الحكيم لا يأمر بشيء قبيح، فدلَّ على حسنه لا محالة، وما وراء ذلك لا دليل عليه،