ولأن الأمر ضد النهي، ثم النهي يقتضي قبح المنهي عنه، فالأمر وجب أن يقتضي حسن المأمور به.
لكنا نستدل على صحة ما ذهبنا إليه- فنقول:
قول القائل "افعل" يقتضي أن يفعل المقول له الفعل، لا محالة. ونعني بذلك أنه ينبغي أن يفعل ويمنع من الإخلال به. ولا نعني بوجوب الفعل سوى المنع من الإخلال به، واختصاصه بحال يلام على الإخلال به.
وإنما قلنا ذلك:
- أما اقتضاؤه الفعل، فظاهر، لأن قوله "افعل" صريح في طلب الفعل واستدعائه. كما أن قول القائل:"زيد فاعل" صريح في الإخبار عن كونه فاعلًا.
- وأما اقتضاؤه الفعل لا محالة على التفسير الذي ذكرنا، فلأن تارك الفعل المأمور به يوصف بالعصيان- قال الله تعالى:{أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي}، وتقول العرب:"أمرتك فعصيتني" أي لم تفعل، وقال الشاعر:"أمرتك أمرًا جازمًا فعصيتني" والعاصي هو المقدم على ما منع منه الآمر، فلولا أن ترك الفعل المأمور به ممنوع بقضية الأمر لما وُصف بالعصيان.